صورة من الارشيف
13-04-2022, 11:57



قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن ملاحقات وأحكام قضائية صدرت مؤخراً، بحق أشخاص من ذوي الرأي بسبب توجيههم انتقادات للسلطات العامة ومسؤولين حكوميين تتعلق بأدائهم الوظيفي.

ففي محافظة صلاح الدين، قضت محكمة بحبس الناشط في المجتمع المدني (يزيد الحسون) ثلاثة أشهر بعدما شكك في نزاهة عقد حكومي لشراء حاويات نفايات وقعه المحافظ (عمار جبر).

ورأى "الحسون" أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة إعمار هذه المحافظة التي تدمرت بنسبة كبيرة جراء معارك استعادتها من سيطرة تنظيم "داعش" قبل سنوات ولا تزال أنقاضها مترامية والآلاف من سكانها نازحون. 

وعلى إثر ذلك، تقدم المحافظ (عمار جبر) بشكوى ضد يزيد الحسون. 

وبالتزامن مع ذلك، اعتقلت قوات "مكافحة الإجرام" في البصرة أستاذ الكيمياء في جامعة البصرة (أحمد يحيى عيسى) بعدما انتقد عبر حسابه على فيسبوك، ما وصفه بـ"تركيز الأجهزة الأمنية في المحافظة على قضايا تافهة وترك الجرائم الكبرى وحالات السطو والسرقة التي تمارسها عصابات متنفذة وميليشيات اخترقت بعضها وكالات أمنية مهمة".

ووفق نشطاء وكّتاب، فإن قائد شرطة البصرة اللواء علي عدنان تقدم بشكوى ضدّ الأستاذ الجامعي ونشرت شعبة مكافحة الإجرام في منطقة المعقل صورة له وهو محتجز لديها رغم أنها غير مختصة، وفقا لقانونيين مختصين بقضايا تتعلق بالرأي.

وتتيح فقرات في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، تغريم وسجن وحتى إعدام من يدان بجملة قضايا كـ"إهانة" رئيس الجمهورية أو البرلمان أو الحكومة، كما يفرض هذا القانون عقوبة السجن 7 سنوات على من "يهين" المحاكم أو القوات المسلحة أو السلطات العامة أو الوكالات والهيئات الحكومية

ويؤشر المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وجود تعارض بين تلك الفقرات من قانون العقوبات الذي وضعته قبل عقود حكومات ميّالة لتقييد حرية التعبير والتنكيل بمعارضيها وأي شخص يتعرض لها بالنقد، وبين الدستور الذي وضع بعد 2003 ويكفل حرية التعبير في مادته الـ38.

إن نصوص مواد قانون العقوبات لسنة 1969، وهن على التوالي، 81 - 82 - 83- 84 - 201 – 202 - 210 - 211- 215 - 225 - 226- 227 - 403- 433 - 434، "فضفاضة ويمكن تدويرها وفق الهوى الشخصي لتفضي بالمتهمين وفقها إلى عقوبات جسيمة لا تتناسب مع مستوى مخالفاتهم والضرر الناجم عنها، إن وجد أصلاً".

هذه المواد ذاتها، استُخدمت، كما يقول صحافيون ونشطاء، لملاحقة زملاء لهم في السنوات الماضية خاصة أثناء وبعد احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019. واضطر مئات النشطاء المجتمعيين والسياسيين والصحافيين إلى مغادرة العراق بعد تعرضهم أو زملاء لهم إلى ملاحقات من جانب السلطات أو اغتيالهم من قبل "طرف مجهول" كما تدعي السلطات الأمنية وتقييده في سجل قضاياهم.

وتحدث قسم من هؤلاء للمرصد العراقي لحقوق الإنسان وقدموا أدلة صورية لإثبات ادعاءاتهم، وأشاروا إلى مداهمات طالت منازلهم التي تسكنها عائلاتهم داخل العراق بحثاً عنهم وكذلك "استهداف" بعضها بالقنابل "لمجرد أن أبنائهم الهاربين عبّروا عن آراء سياسية ومجتمعية وتناولوا بالنقد أداء السلطات والأحزاب الحاكمة وشخصيات عامة".

ويقول مسؤول البحث في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن ملاحقة ذوي الرأي في العراق لا تقتصر على مدينة معينة بل تشمل جميع المدن دون استثناء بما في ذلك إقليم كردستان الذي يدار بحكم ذاتي، وتوجد عشرات القضايا الموّثقة في هذا الجانب.

وفي 10 كانون الثاني 2022، دعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان، البرلمان الجديد إلى تشريع 4 قوانين بينها حرية التعبير والتظاهر السلمي، وكذلك حرية الحصول على المعلومة، وعدّها حاجة قصوى توفر بيئة مناسبة للحياة العامة وتعطي مؤشراً على وجود نظام ديموقراطي يتيح للأشخاص، والصحفيين خاصة الوصول إلى ما يحتاجون من معلومات.

وقال المرصد في بيانه وقتها: "في ظل استمرار الاحتجاجات وإن كانت بشكل متقطع، وارتفاع حدة الانتقاد الموجه إلى السلطات والأحزاب السياسية بسبب الفساد وسوء الخدمات، فإن الحاجة تحتم تشريع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي. (إذ) لطالما استخدمت السلطات التنفيذية غياب هذا القانون لاعتقال النشطاء والمشاركين في الاحتجاجات".

وفنّد أيضاً ما روجه بعض أعضاء البرلمان في الدورات السابقة حول "وجود" تعارض بين القوانين الأربعة، وبين أي مبادئ دينية أو مذهبية أو قومية أو عرقية مثلما يروج بعض أعضاء البرلمان في الدورات السابقة".

واليوم، يذكّر المرصد العراقي لحقوق الإنسان، بأنه لا يمكن تبرير عدم تشريع هذه القوانين ومثيلاتها، خاصة مع وجود بعض أعضاء البرلمان الجديد الذين شعار الدفاع عن الحريات والسعي باتجاه إيجاد تشريعات تنظم الحياة وتحمي حقوق الإنسان، ولأولئك المشرّعين تمثيلاً برلمانياً وزاناً يتيح لهم هذا الأمر.

ويحث المرصد السلطات جميعاً إلى تقبل النقد وعدم مضايقة وملاحقة أصحابه طالما يعبرون عنه بشكل سلمي واحترام حقهم الإنساني في تقييم مستوى الخدمات المقدمة لهم وتشخيص الأخطاء التي يلحظونها، وهو أمر بديهي في الدول الديمقراطية.

ويطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان، السلطات المعنية، بتسوية قضيتي الناشط في محافظة صلاح الدين "يزيد الحسون" والأستاذ في جامعة البصرة "أحمد يحيى عيسى" بأسرع وقت ممكن.

ويدعو المرصد أيضا،ً السلطات الأمنية إلى الالتزام بالمعايير ولوائح العمل الرسمية والقوانين عند التعامل مع أشخاص تتعلق قضاياهم بالتعبير عن الرأي السلمي الخالي من التحريض على الكراهية والقتل والعنف ضد الآخرين، وعدم مساواتهم مع المتهمين بقضايا جنائية وتصويرهم في أماكن الاحتجاز والتحقيق وهم مقيدون   ولم يصدر بحقهم أي حكم قضائي بعد.