مصدر الصورة: وكالة الأنباء الفرنسية
28-02-2022, 18:48



قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن العراقيين المقيمين في أوكرانيا يعانون ظروفاً سيئة للغاية وخطراً يهدد حياتهم جراء الاجتياح الروسي للبلاد الذي بدأ يوم الخميس الماضي (24 شباط/فبراير 2022)، دون "أدنى مساعدة "من جانب السلطات العراقية لهم.


ويقيم 5537 عراقياً في مدن أوكرانيا المختلفة، وفق إحصائية لوزارة الخارجية العراقية، التي قالت إن وزيرها اتصل بالقائم بالأعمال العراقي هناك، في اليوم الأول من الاجتياح، وأكد "أهمية اتخاذ ما يمكن من الإجراءات وبما يكفل سلامة وأمن الجالية والبعثة الدبلوماسية".


وفي 22 شباط/ فبراير الجاري، دعت وزارة الخارجية العراقية المواطنين العراقيين إلى مغادرة أوكرانيا وعدم التواجد في مناطقها الشرقية المعرضة للخطر أكثر كما خصصت رقماً هاتفياً لمساعدتهم على الخروج.


وتحدث المرصد العراقي لحقوق الإنسان إلى العديد من هؤلاء وشكوا جميعهم سوء أحوالهم المعيشية وعبّروا عن مخاوفهم مما قد يحصل لهم وعائلاتهم إذ يهدد الخطر مساكنهم وشققهم في ظل القصف والاشتباكات الشديدة وشحة الغذاء والوقود وانقطاع الكهرباء.


"كنا نعتقد أن المفاوضات ستحل الأزمة بين البلدين، وتفاجئنا بالاجتياح الروسي. الآن أنا عالق مع زوجتي وأطفالي الاثنين وسط ظروف غاية بالصعوبة"، يقول مرتضى العامري للمرصد العراقي لحقوق الإنسان.


و"مرتضى" هو شاب يدرس مرحلة التحضير لمزاولة طب الأسنان في أوكرانيا، ضمن 450 طالباً عراقياً هناك وتحدث للمرصد عبر الهاتف من شقته في العاصمة كييف حيث يعيش منذ سنة هناك.


واشتد وضع هذا الشاب سوءاً عندما فقد نصف أمواله المودعة في بنك أوكراني بسبب الارتباك الذي ألم به فأخطأ في سحب النقود من الصراف الآلي لتذهب كتبرعات للجيش هناك.


"ماذا أقول عن السفارة العراقية هنا؟ لم تفعل أي شيء لنا ولم تقدم أية مساعدة لعراقي باستثناء أنها في بداية الأزمة (قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا) دعتنا للمغادرة فقط ووقتها كانت أسعار تذاكر السفر قد ارتفعت كثيراً وهذا معروف للجميع، وكان ما فعلته السفارة مجرد إسقاط فرض والآن هي لا ترد على اتصالاتنا"، يقول مرتضى العامري.


يوم (25 شباط/ فبراير 2022)، قالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إنها تنسق وتجري اتصالات وفتحت خطوطاً هاتفية ساخنة لمساعدة العراقيين في أوكرانيا وتقديم الخدمات لمن يتمكن من مغادرة هذا البلد إلى روسيا وبولندا وهنغاريا ورومانيا، وأشارت إلى تلقيها 76 طلباً من طلاب عراقيون يرومون المغادرة. 


وبينما عرض "مرتضى العامري" على المرصد العراقي لحقوق الإنسان رسائل تبادلها مع وسيط للنقل تظهر أن سعر نقل الشخص الواحد إلى مدينة حدودية آمنة أكثر هو 600 دولار أميركي ما يعني أنه بحاجة إلى 1400 دولاراً ليخرج مع عائلته إلى مكان آمن لكنه لا يملك هذا المبلغ فبقي في مكانه معرض للخطر، سخر الطبيب "محمد"، العراقي الذي وصل إلى حدود بولندا من بيانات الخارجية العراقية.


وقال "محمد" في حديثه للمرصد العراقي لحقوق الإنسان: "هذه البيانات غير واقعية. أداء السفارة العراقية في كييف ضعيف جداً في الأيام العادية فكيف الآن في ظل الحرب؟! لم أكلف نفسي عناء الاتصال بها واعتمدت على ذاتي في الوصول إلى حدود بولندا، بينما بقي العراقيون الذين لم يتمكنوا من المغادرة، محاصرون في أماكنهم، وخاصة في مدن شرق أوكرانيا، مثل  خاركوف وبالتافا وسومي".


وأبلغ كل من تحدث إليهم المرصد أن الاتصال بالسفارة العراقية في أوكرانيا "غير مجدٍ ولا طائل منه" لذلك فإنهم يحاولون ترتيب أوضاعهم بأنفسهم وبعضهم يبحث عمّن يعطيه أموالاً بعملة الدولار الأميركي ليدفعها مقابل نقله إلى مكان آخر، على أن تدفع عائلته لعائلة الدائن في العراق نفس المبلغ.


وعمِد مراقب المرصد العراقي لحقوق الإنسان، الذي أعدّ هذا البيان، إلى مراسلة السفارة العراقية في كييف على الخط الساخن المخصص لتلقي طلبات المغادرة، وادعى أنه لاجئ يقيم في سومي ويطلب المساعدة للخروج، لكن أحداً لم يرد على رسائله حتى هذه اللحظة.


ويصف رئيس ممثلية طلاب العراق في الخارج، نهاد جهاد الخيكاني أوضاع الطلبة في أوكرانيا بـ"المأساوية"، وقال في تصريحات صحافية لمواقع محلية واطلع عليها المرصد العراقي لحقوق الإنسان إنهم "كانوا يبكون ويشكون عدم وجود الطعام والبنزين وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة في ظل دوي القصف".


كما اطلع المرصد على رسائل استغاثة كتبها طلاب عراقيون في أوكرانيا يطلبون فيها من مواطنيهم في العراق إيصالها إلى السلطات ويقولون إنهم يعيشون الآن "في رعب ولا أحد يسمع صوتنا أو يسأل عنا وكل ما نريده هو العودة بأمان إلى بلدنا".


وعرض بعض العراقيين المقيمين في أوكرانيا رسائل وصلتهم من السلطات الأوكرانية على هواتفهم تحذرهم من خطورة الوضع وورد في بعضها عبارة "يجب أن تختبئ. المترو أو ملجأ القنابل" وأخرى تقول "اليوم ستكون هناك معركة صعبة في كييف".


وتساءل بعضهم بنبرة تطغي عليها السخرية والمرارة: "وزارة الخارجية العراقية تقول إنها أوعزت بتقديم الخدمات لمن يتمكن من مغادرة أوكرانيا، لكن أساس المشكلة هو كيفية المغادرة، ومع ذلك عندما نتصل برقمهم الساخن لا نلقى رداً.. فعلاً ساخن".


كما طالبوا وزارة الخارجية وسفارتها في كييف بإثبات أن الأخيرة تتواصل فعلاً مع العراقيين هناك وتستجيب لطلباتهم.


هذا الحال دفع "مرتضى العامري" و3 عوائل عراقية أخرى إلى التفكير بترك كييف ومغادرة أوكرانيا لكن ما ينقصهم للقيام بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر هو المال الذي يجب أن يدفعوه لوسيط النقل.


وعلى الجانب الآخر، يواجه طلاب عراقيون يدرسون في جامعات تقع في جنوب روسيا، وتحديداً فولغاغراد وروستوف القريبة أوكرانيا مصاعب في العودة إلى العراق فقوانين وزارة التعليم العالي العراقية تقضي بأن يقيموا في المدينة التي تقع فيها جامعاتهم ولا يمكن لهم أن يعودوا الآن إلّا بموافقة الحكومة العراقية وفق رسالة وردت منهم للمرصد العراقي لحقوق الإنسان.


ويقول هؤلاء الطلبة إن مشكلاتهم تتفاقم بمرور الوقت وكلما تأخرت موافقة بغداد (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أو وزارة الخارجية) على عودتهم خاصة مع الاضطراب في الرحلات الجوية و"انهيار" عملة الروبل.


يدعو المرصد العراقي لحقوق الإنسان، السلطات العراقية ووزارة الخارجية وسفارة العراق في أوكرانيا إلى أن تكون أكثر جدية وتعي مسؤولياتها القانونية إزاء المواطنين العالقين هناك وفعل كل ما يلزم لضمان أمنهم فعلاً وإيجاد مخرج آمن لهم مثلما فعلت بعض الدول رغم صعوبة الظروف وعدم الاكتفاء بإطلاق بيانات لا يتبعها أي تحرك فعلي على الأرض بمستوى الحاجة.


ويحث المرصد أيضاً، وزارتي الخارجية والتعليم العالي والبحث العلمي على السماح بعودة الطلبة العالقين في جنوب روسيا بأسرع وقت ممكن.