قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان (24 تموز 2024) إن على مجلس النواب رفض التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، رقم 188 لسنة 1959، حيث يستند هذا التعديل إلى التشريع الإسلامي بمذهبيه الشيعي الجعفري والسني بشكل عام دون تحديد أحد مذاهبه الأربعة، مما يثير مخاوف جدية بشأن تقييد الحريات الأساسية للمواطنين العراقيين.
نشعر بالقلق من أن هذا التعديل قد يؤدي إلى انتهاك الحقوق الدستورية والقانونية للطوائف المتعددة التي تتبع الدين الإسلامي في العراق. تكفل المادة 41 من الدستور العراقي "العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم، أو مذاهبهم، أو معتقداتهم، أو اختياراتهم".
كما أن التزامات العراق بموجب الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، تفرض حماية حقوق الأفراد في اختيار وتحديد أحوالهم الشخصية دون تمييز.
قال المحامي والحقوقي محمد جمعة في منشور له على منصة (X): "مجلس النواب يناقش يوم الأربعاء المقبل أخطر قانون على المجتمع العراقي (الأحوال الشخصية وفق المذاهب)، هذا القانون يعني سن الزواج في تسع سنوات (زواج الأطفال) وحرمان النساء من الإرث في العقارات، والنفقة بشرط الاستمتاع، إذ أن الزوجة التي لا تمكن الزوج من الاستمتاع بها لا نفقة لها. هذا القانون هو رصاصة الرحمة في جسد المجتمع العراقي".
يحتاج نص الفقرة (أ) من المادة الأولى في التعديل، الذي يشير إلى "كل عراقي وعراقية"، إلى توضيح دقيق لضمان عدم حدوث التباسات قضائية أو تشريعية يمكن أن تُطبق بشكل غير عادل على الأفراد من غير المذاهب المذكورة.
وفي الفقرة ذاتها، يُمنح القضاء حق بناء عقد الزواج وفق ديانة الزوج في حال عدم تقديم طلب من الزوجين لتحديد مذهب العقد. هذا يحرم النساء من حقهن في اختيار مذهبهن في العقد الشرعي للزواج، مما يتعارض مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان التي تؤكد على ضرورة المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في جميع المسائل المتعلقة بالزواج.
نحن في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، قلقون من أن الفقرتين (ب) و(ت) من المادة الأولى، اللتين تشير إلى اعتماد "مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية"، قد تفتح المجال لتفسيرات فقهية واسعة تؤدي إلى تطبيقات غير متساوية وغير عادلة. النصوص القانونية يجب أن تكون مرجعية ثابتة وواضحة لضمان حقوق جميع المواطنين دون تمييز.
بالإضافة إلى ذلك، تُنيط الفقرتان (ث) و(ج) من المادة الأولى مهمة بناء المدونة إلى رأي المرجع المشهور في المذهبين الشيعي الجعفري والسني، مما يثير التساؤلات حول معايير الشفافية والتطبيق العادل للمعايير الفضلى في حقوق الإنسان، لذا يجب أن يكون اختيار المرجعيات الدينية بناءً على معايير واضحة وشفافة لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف.
كما نشعر بالقلق الشديد من أن المادة الثانية من التعديل تجيز تصديق عقود الزواج الشرعية خارج الهيئات القضائية، مما يشجع على الزواج خارج المحاكم المختصة دون ضمانات قانونية كافية لحماية حقوق الزوجين. يجب أن تكون جميع عقود الزواج مصدقة أمام المحاكم المختصة لضمان حماية حقوق جميع الأطراف المعنية ولضمان توفر ضمانات قانونية يمكن الرجوع إليها في حالات النزاع.
النائبة نور نافع الجليحاوي علقت على التعديل المقترح بقولها: "التعديل المقترح في قانون الأحوال الشخصية تعديل واضح للغاية منه تفكيك الأسرة العراقية والسماح للعقود خارج الأطر القانونية بأن تكون أوسع وإعطاء الشرعية الواضحة لزواج القاصرات، وبالتالي دعم زيادة حالات الطلاق وتعميق النفس الطائفي بين أفراد المجتمع".
نحن في المرصد العراقي لحقوق الإنسان نحث مجلس النواب العراقي على إعادة النظر في هذه التعديلات المقترحة لضمان حماية حقوق جميع المواطنين العراقيين بغض النظر عن مذاهبهم أو معتقداتهم، وتعزيز المساواة والعدالة في المجتمع العراقي. نؤكد على ضرورة الالتزام بالدستور العراقي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لضمان تطبيق قانون الأحوال الشخصية بشكل عادل ومنصف.