النهج المستخدم في التقرير
تحليل الانتهاكات
- انتهاكات داعش
- الانتهاكات العسكرية ( القصف،الاضربات الجوية،الاعتقالات، القتل)
- حقوق المرأة ( جرائم الشرف، مشروع قانون العنف الاسري، تعديل قانون الاحوال الشخصية)
- حقوق الطفل ( التعليم،عمالة الاطفال،التجنيد، معدلات العنف)
- عقوبة الاعدام
- حقوق النازحين (في اماكن نزوحهم، حرية التنقل، منع عودتهم، اعادة اعمار مناطقهم)
- حرية التعبير وحق التجمع السلمي (الصحفيين، القوانيين التي تستهدف حرية التعبير وحق التجمع السلمي)
- حقوق الاقليات
- الترحيل القسري
- الحق في الصحة
الانتهاكات التي تعرض لها المدنيين
في الموصل كانت أرقام أعداد القتلى من المدنيين خطيرة، نتيجة للاعدامات التي يقوم بها عناصر التنظيم بحق المدنيين واستخدامهم دروعا بشرية، الى جانب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش والاخطاء العسكرية، وإن الآلاف من سكان الساحل الأيمن في مدينة الموصل قُتلوا نتيجة القتال الدائر هناك منذ إنطلاق عمليات تحرير الساحل الايمن التي أعلن عنها القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي في 19 فبراير/شباط 2017، حيث عمد تنظيم داعش الى التواجد وسط احياء المدنيين ومنازلم، واستخدامهم دروعا بشرية، مما ادى الى مقتل واصابة الالاف منهم.
حيث وثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان من خلال أعضاء شبكة الرصد في مناطق شمال العراق، مقتل المئات من المدنيين في مدينة الموصل خلال شهر واحد 20-12-2016 / 20-1- 201، نتيجة الأعمال الإرهابية التي قام بها تنظيم "داعش" والقصف غير الدقيق لطيران التحالف الدولي.
ووفقا لمصادر فرق طبية وإغاثية ومصادر من المدنيين في الموصل، إن 1428 مدنياً قتلوا خلال شهري ديسمبر 2016 ويناير 2017، على إعتبار التسجيل الرسمي لدى المستشفيات الحكومية لتلك الحالات.
وخلال شهر يناير 2017، ادى القصف الجوي الى اصابة ومقتل العشرات من المدنيين، حيث تحدث بعض النازحين الى المرصد وقالوا إن "طيران التحالف الدولي يقصف عدد قليل من عناصر تنظيم داعش يتواجدون في الأحياء السكنية.، هذا القصف يتسبب بمقتل أعداد أكبر من المدنيين، عناصر التنظيم يتعمدون التواجد بيننا في الأحياء السكنية".
وفي تصريحات صحافية له في 18 كانون الثاني/يناير، قال الضابط في قيادة عمليات نينوى العقيد أحمد الجبوري إن "ثمانية مدنيين قتلوا بقصف جوي لطائرة من دون طيار تابعة للتحالف على مجلس عزاء في حي الشفاء غربي الموصل، وأن المعزين كانوا داخل منزل لتقديم التعازي لذوي أحد الأشخاص المتوفين من أبناء عمومة النائب في البرلمان العراقي فارس السنجري".
وقالت مصادر طبية خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "مستشفى غرب أربيل الذي يستقبل الجرحى والقتلى من المدنيين في الموصل، يشهد يومياً وصول العشرات منهم بسبب قصف طيران التحالف الدولي أو القصف العشوائي لتنظيم داعش على المناطق السكنية".
وكما إن قام عناصر تنظيم "داعش" يهدم الجدران التي تفصل بين المنازل ليتمكنوا من التجول بينها بعيداً عن أعين طيران التحالف الدولي، وأجبروا الأهالي على إخراج سياراتهم إلى الشوارع للتشويش على القوات الأمنية العراقية في معرفة السيارات المفخخة من عدمها.
بالاضافة الى ذلك، عمد تنظيم داعش على إنتشار كثيف لعناصره داخل الأحياء السكنية الضيقة في الساحل الأيمن، وأجبروا بعض الشباب على إرتداء الزي (الأفغاني) الذي عُرف به التنظيم، وكذلك تعليق بعض الرايات على أسطح عدة منازل لإيهام الطيران بأنها تابعة للتنظيم.
وبعد ثلاث اسابيع من بدأ عمليات العسكرية لتحرير الساحل الايمن من الموصل، قُتل قرابة 700 من المدنيين بسبب قصف طيران التحالف الدولي أو مفخخات "داعش"، ودُفن منهم 439 قتيلاً فقط وسُجلت حالات وفاتهم لدى الجهات الرسمية.
حيث قال شهود عيان من أحياء 17 تموز والمأمون والطيران ووادي حجر إن "هناك أعداد كبيرة من القتلى يُخلفها القصف غير الدقيق لطيران التحالف الدولي أو للمدفعية، وكذلك مفخخات تنظيم داعش وهاوناتهم التي تتساقط في كل حين على الأحياء السكنية".
وكان الوضع داخل المدينة مأساوي حيث عاش السكان هناك وسط قلق وخوف من إجبار داعش بعضهم على حمل السلاح والقتال معه، وكان تنظيم داعش يستخدم أسطح بعض منازل المدنيين مكاناً لإطلاق الصواريخ على القطعات الأمنية العراقية، مما يدفع طيران التحالف الدولي إلى إستهداف المنزل الذي تصدر منه النيران". في 14 اذار/مارس، وثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان مقتل 29 مدنياً في حي الفاروق، بسبب قصف طيران التحالف الدولي الذي إستهدف أماكن إطلاق نيران إستخدمها تنظيم "داعش" من داخل الأحياء السكنية.
في 19 اذار/مارس، قتلت ثمانية عوائل في منزل واحد بحي الجوسق، بعد ان قام عناصره بإعتلاء السطح وضرب، القوات الأمنية العراقية، وبعد دقائق إستهدف طيران التحالف الدولي المنزل وقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً، بالاضافة الى سقوط العشرات من المنازل في مناطق الفاروق والسرجخانة.
وكما قتل أكثر من 40 مدنياً قُتلوا خلال خلال يومي 25،26 اذار/مارس، عندما إستخدمهم تنظيم داعش دروعاً بشرية وقصفتهم الطائرات الأميركية، الأربعون مدني كانوا من سكان مناطق السرجخانة والفاروق والشهوان والميدان وحي الرسال.
وقالت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان بناءً على معلومات حصلت عليها من مصادرها في الساحل الأيمن إن "تنظيم داعش احتجز مدنيين في سراديب لإستخدامهم دروعاً بشرية، وهذا حدث تحديداً في منطقتي موصل الجديدة وحي الرسالة".
وكما احتجز 300 طفل في مناطق الصحة وحي التنك والرفاعي بحُجة أنهم يشكلون خطراً على عناصر التنظيم، ناشطون الذين تحدثوا عن أعمار الأطفال الـ17 الذين إحتجزهم التنظيم والتي تتراوح بين 11 - 17 عاماٍ".
وقالوا إن "هناك 10 أطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة قد وضعوا على مناطق قريبة من خط التماس ليتعرضوا لإطلاق النار أو ربما يُفخخون".
وفي مقابلات هاتفية قصيرة أجراها المرصد العراقي لحقوق الانسان مع 3 من السكان المحليين في حي التنك داخل الساحل الأيمن، قالوا إن "تنظيم داعش يحتجز عشرات العوائل داخل منازل صغيرة".
هذا وكشفت الإبلاغات التي رصدها المرصد العراقي لحقوق الإنسان عن مقتل 3846 مدنياً في الساحل الأيمن، خلال شهرين فقط.
وخلال شهر نيسان/ ابريل، ما تبقى من المدنيين في مناطق الساحل الأيمن بمدينة الموصل، كانوا عرضة لقصف الطيران الجوي الذي لم تُحدد هويته، لكنه يُعتقد وبشكل كبير تابعاً للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
ووثقت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان يوم 10 نيسان/أبريل مقتل خمسة عوائل في حي اليرموك بالساحل الأيمن من مدينة الموصل، بعد أن أٌستهدف منزلهم بقصفٍ جوي، وقعت الحادثة في الأفرع المقابلة لمجسر اليرموك ومجاور اعدادية ميسلون للبنات.
قال شاهد عيان للمرصد "أن الدار قُصف بعد ساعة من هروب أحد عناصر تنظيم داعش الذي تواجد فوق سطح المنزل. أتوقع أن عدد الضحايا وصل 30 مدنياً بقوا تحت الأنقاض".
وقال اياد عبد الغني الراشدي وهو ناجٍ من حادثة اليرموك خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان "تعيش في منزلي 4 عوائل، عائلتي وعائلة اخي اضافة الى عائلتين من جيراننا. احد الجيران انتقل إلى منزلنا بعد أن سيطر قناص من داعش على منزله".
وأضاف "في الساعة الواحدة ظهرا من يوم 10 نيسان/أبريل الحالي أستهدف منزلي بصاروخ أصاب مقدمته التي تتكون من محلات تجارية وغرف نوم، مما ادى الى مقتل 14 شخص اغلبهم من النساء، من عائلتي قتل 8 أشخاص امي وابنتي واخي وزوجته وبناته، ونجى منهم إبنه فقط. اما جيراني قتل منهم 3 اشخاص زوجته وبنتيه، ومن عائلة جيراني الاخر قُتل ايضا 3 اشخاص".
وقال سكان محليون في منطقة باب سنجار للمرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "عائلة غانم صبحية وهو مواطن موصلي معروف في منطقته قد قُتلت بأكملها وتتألف من 42 شخصاً بعد أن إستهدف منزلهم قصفاً جوياً فجر يوم السبت 15 نيسان/أبريل 2017".
قالوا أيضاً إن "منزل غانم الصبيحة المكون من 16 غرفة، كان يلم شمل أكثر من عائلة في لحظة القصف. كان في شقيق غانم وعائلته، وأولاده الستة بالإضافة إلى بناته الخمسة وأحفاده".
وكما استهدف الطيران منزلاً في الخامس عشر من نيسان/أبريل 2017 في حي الإصلاح الزراعي. المنزل المكون من طابقين أصبح مع الأرض.
قال شاهد عيان جُرح إبنه في قصف المنزل بحي الإصلاح الزراعي "بعد صعود عناصر داعش على سطح المنزل وإرسال طائرة مسيرة من هناك ثم الفرار، تم قصف المنزل بصاروخين متتابعين أسفرا عن مقتل 8 مدنيين على الأقل (أب وابنائه بينهم أطفال) وما زالت جثثهم حتى الآن تحت الأنقاض".
وخلال الفترة الممتدة من شهر ايار/مايو الى تموز/يوليو، خلفت معركة مدينة الموصل القديمة العشرات من القتلى والمئات من الجرحى نتيجة إشتداد المعارك وإستخدام تنظيم "داعش" نسبة كبيرة من المدنيين دروعاً بشرية.
شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، تلقت إتصالات عديدة من عوائل في مدينة الموصل القديمة وعمال إغاثة تُفيد بوجود العشرات من الجثث تحت الأنقاض في مناطق محررة وغير محررة داخل المدينة.
وبحسب الإتصالات التي وردت لشبكة الرصد، فإن الآلاف كانوا عالقين في أحياء يُسيطر عليها تنظيم "داعش" داخل الموصل القديمة، وأن التنظيم لم يسمح لأي من تلك العوائل بالخروج والوصول إلى القوات الأمنية العراقية بل يصطحبهم معه إلى المناطق التي يندفع إليها.
ووفقا لشهود عيان تمكن المرصد العراقي لحقوق الأنسان من التواصل معهم عبر الهاتف، إن "مئات العوائل مُحاصرة بين حيي الخاتونية وعبدو خوب في الموصل القديمة ولم تتمكن من الخروج إلى المناطق الآمنة بسبب الحصار المفروض عليهم من قبل قناصين روس ينتمون لتنظيم داعش".
وكما قام التنظيم بإصطحاب العوائل معه من المناطق التي يخسرها إلى المناطق التي مازال يفرض سيطرته عليها، وأثناء عملية الإصطحاب يُقتل العشرات من المدنيين بسبب الإشتباكات.
قال عامل إغاثة تمكن من الوصول إلى جامع النوري الكبير، إن "المنطقة المحيطة بالجامع فيها العشرات من الجثث التي مازالت تحت الأنقاض ولم تُنتشل منذ أيام، وهناك من هم مازالوا على قيد الحياة لكنهم لا يستطيعون الخروج من تحت الأنقاض وكلما تأخرت عملية إنقاذهم فارقوا الحياة".
وحصل المرصد العراقي لحقوق الانسان، على المعلومات من شهود عيان تمكنوا الخروج من الموصل القديمة، تُفيد بوجود قصف كثيف على مدينة الموصل القديمة سقط بسبب العشرات من المدنيين، حيث لم يجد المدنيين طريقة أو مكاناً لدفن قتلاهم الذين سقطوا جراء المعارك، وإضطروا إلى إبقائهم في المنازل ووضع قطع قماش عليهم.
وقالت فتاة من مدينة الموصل القديمة خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إنها "فقدت في منطقة حضيرة السادة 6 من أفراد عائلتها بسبب القصف غير الدقيق الذي قامت به بعض القطعات الأمنية العراقية (لم تُحدد تلك القطعات)"، واضافت أيضاً "لا نعرف من يقصف، القصف كثيف والمنازل دُمرت".
الإعدامات التي نفذها تنظيم "داعش"
في محافظة نينوى بمدينة الموصل، في 1 نيسان/أبريل 2017، قام تنظيم داعش بحملة إعدام لإثنين وعشرين عائلة من منطقة المكاوي في الموصل القديمة بعدما حاول 22 شاباً منها الخروج من مناطق سيطرة التنظيم بمساعدة مهرب سوري.
وخلال إتصالٍ مع المرصد في 2 نيسان/أبريل 2017 أكد سكان محليون من منطقة الموصل القديمة عن مجزرة قام بها التنظيم بإعدام عائلة المهرب السوري ويُدعى لبيب الدقاق وهو تاجر للمواد الغذائية في مدينة الموصل، كان قد إتفق قبل شهرين مع 22 شاب لتهريبهم خارج الموصل.
وان عملية الإعدام نٌفذت داخل أحواض في حمام العافية بمنطقة المكاوي وبقيت الجُثث وعددها 106 جثة لـ14 ساعة تقريباً قبل أن تأتي سيارات حمل مدنية تابعة للأهالي وتدفنهم في مقبرة تُسمى مقبرة السادة الفخريين.
وخلال شهر ايار/مايو 2017، ازدادت عمليات الإعدام التي يُنفذها عناصر داعش بحق المدنيين، بعدما ضيقت القوات الأمنية العراقية الخناق عليهم في معركة تحرير المدينة القديمة في الساحل الأيمن من الموصل.
وبحسب شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، فإن "التنظيم حول (عين كبريت - عين مائية درجة حرارتها مرتفعة وتُستخدم للعلاج من بعض الأمراض) في المدينة القديمة والمطلة على نهر دجلة إلى منصة لإعدام المدنيين".
قال مدني هرب في 27 من آيار/مايو 2017 من منطقة الزنجيلي خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "آخر إتصال أجراه مع أقاربه في الموصل القديمة كان يوم 23 آيار/مايو 2017، وتحدثوا له عن قيام تنظيم داعش بعمليات إعدام كبيرة للعوائل التي يشك بتعاونها مع القوات الأمنية أو محاولتها الهرب من مناطق سيطرته".
وفي عمليات الاعدام هذ يستخدم التنظيم الأسلحة الكاتمة في عمليات الإعدام، وأمام أعين الناس وفي أماكن عامة، ومن أسباب الإعدامات التي ينفذها التنظيم اتجاه المدنيين، إما إتهامهم بالتعاون مع القوات الأمنية، أو عدم إنصياعهم لأوامره، أو في بعض الأحيان لعدم تقديم المساعدة له، بالإضافة إلى محاولات الهرب من مناطق سيطرته.
قال نازح من مدينة الموصل القديمة أثناء وصوله للقوات الأمنية العراقية في حي الثورة يوم 28 من آيار/مايو إن "عين الكبريت تحولت الى عين كبريت ودم، فأعداد القتلى فيه وصل إلى ما يقارب الـ258 مدني".
ووفقا لمصادر إغاثية بمدينة الموصل تتواجد بالقرب من خطوط الصد في المدينة القديمة، قالت للمرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "التنظيم يعدم يومياً 9 عوائل تقريباً، ويترك الاطفال من دون ذويهم، فالامهات تُعدمن امام اطفالهن وترمى جثثهن في عين الكبريت".
وفي قضاء تلعفر بمحافظة نينوى، في شهر تموز/يوليو، قام التنظيم بإعدام ما يقارب الـ 200 مدني على الاقل، في حي القادسية بقضاء تلعفر بعد إعتقالهم في عيد الفطر بسبب محاولتهم الهرب بإتجاه القوات الأمنية شرق القضاء.
وإن عناصر التنظيم علقوا 17 جثة على أعمدة كهربائية قرب مديرية الشرطة والبوابة الشرقية للقضاء، وقال شهود سُكان من قضاء تلعفر خلال عدة مقابلات أجريت معهم، إن "عملية الإعدام سبقتها إجراءات محاكمة بتهمة (ترك أرض الخلافة) وأن المدنيين قُدموا إلى ما تسمى المحكمة الشرعية في تلعفر، وحكمت عليهم بالإعدام بسبب تلك التُهمة".
وفي قضاء الحويجة بمحافظة كركوك، بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني 2017 قام عناصر داعش بإطلاق النار على العوائل التي تحاول الهرب من الجانب الايسر من الشرقاط و قضاء الحويجة ممى ادى الى اصابة 3 اشخاص على الاقل.
وبتاريخ 14يناير/كانون الثاني 2017 قام تنظيم داعش بإختطاف 20 عائلة على الاقل من قرية "الشجرة" التابعة لناحية العباسي في قضاء الحويجة، واقتادوهم لمكان مجهول ولم يعرف سبب إختطافهم، كما قام التنظيم بإعتقال نساء من الساحل الايسر لقضاء الشرقاط بعد ان وجد لديهن مواد غذائية ارسلت لهن من الساحل الايمن للقضاء.
وفي شهر نيسان/أبريل 2017، أعدم تنظيم داعش 20 مدنياً على الأقل بتهمة التخابر مع الجيش العراقي، وفي ناحية العباسي بقضاء الحويجة أعدم التنظيم 4 أشخاص من أهالي القضاء، بعد أن حاولوا الهروب بإتجاه المناطق غير الخاضعة للتنظيم.
قابل المرصد العراقي لحقوق الإنسان محمد (فضل ذكر إسمه الأول فقط خشية على حياة أقاربه المتبقين في الشرقاط) وهو نازح من الساحل الأيسر في الشرقاط "ما يزال الالاف من الأهالي يعيشون حالة من الرعب، حيث ان الإعدامات والإعتقالات تكاد تكون يومية لأسباب مختلفة".
وخلال العشرة ايام الاخيرة من شهر ايار/مايو، قيام تنظيم داعش بإعدام 10 اشخاص على الاقل من سكان قضاء الحويجة، بتهم مختلفة منها التخابر مع القوات الامنية.
وقاموا بعمليات إعدام 6 اشخاص على الاقل في اماكن مختلفة على ضفاف نهر الزاب ومكان قريب من جبل مكحول ومكان في غابة الحويجة.
معاناة المدنيين المحاصرين
سكان المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش لا يواجهون خطر الموت على يد التنظيم فقط ، ولا بسبب القصف غير الدقيق، بل الجوع أيضاً يفتك بهم وقد تسبب بوفاة العشرات منهم.
في مدينة الموصل بمحافظة نينوى، منذ بدأ العمليات العسكرية لاستعادة الموصل من قبضة داعش في تشرين الاول/اكتوبر من عام 2016، عاش سكان المدينة ظروفا انسانية صعبة في ظل الحصار المفروض عليهم، وان ربع مليون مدني تقريباً في مدينة الموصل كانوا محاصرين، واضطر بعضهم الى تناول الاعشاب والنبات، ودفع بعضهم إلى إصطياد القطط والطيور لأكلهن،وذلك في محاولة منهم لتجاوز مرحلة المجاعة التي يعانون منها خلال المعارك الدائرة ضد التنظيم. فتنظيم داعش كان يمنع وصول الغذاء لهم بإستثناء عوائل مقاتليه.
وفقا لروايات شهود عيان من الساحل الأيمن من المناطق التي وصلتها القوات الأمنية العراقية، أكدت إصابة المئات من الأطفال بالجفاف ووفاة بعضهم ونفاد الغذاء بشكل كامل من كل المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش".
وبالقرب من مخيم حسن شام قالت إمرأة في العقد السادس من عمرها أثناء محاولة أعضاء شبكة الرصد التحدث إليها في 23 نيسان/أبريل 2017: "الحديث لا يسد جوع أحفادي الذي بقوا في الموصل. أكلنا الذي لا تأكله الحيوانات لنبقى على قيد الحياة".
وشرح وليد الذي إكتفى بذكر إسمه الأول ويأوي في مخيم الجدعة، كيف قضى يوماً كاملاً يبحث عن القليل من الدقيق لإعداد رغيفي خبز لأبنة أخته التي أعدم تنظيم داعش والدها قبل أشهر، لكنه لم يجد سوى ما يكفي لإعداد رغيف واحد.
واضاف مصدر طبي إن "هناك أرقام غير مؤكدة، تتحدث عن وجود المئات من السكان داخل مناطق سيطرة تنظيم داعش لم يتمكنوا من الحركة بسبب الجوع الذي يضربهم منذ أشهر. قال أيضاً "مئات الأطفال الذين نزحوا مع عوائلهم يعانون من الجفاف وسوء التغذية، وبعضهم حالته خطرة".
رعد عمر الذي نزح من حي التنك في الساحل الايمن من الموصل قال "إبنتي عمرها 11 شهراً شربت الحليب لستة أشهر فقط. منذ بدء العمليات العسكرية فرض داعش حصاراً علينا. حتى أمها لم تعد قادرة على إرضاعها. لا أعرف كيف نجت من الموت. هي الآن مصابة بالجفاف ونحاول علاجها".
إتصلنا في يوم 26 نيسان/أبريل بأحد المدنيين المحاصرين في منطقة الزنجيلي هاتفياً أبلغ المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "النباتات في حديقتهم نفدت، ولم يعد هناك شيء يأكلونه. يقول إنهم سيلجأون لشرب الماء والملح، فحتى أرغفة الخبز التالفة شحت على الناس".
قال عامل إغاثي في منظمة محلية يقدم المساعدات العاجلة للنازحين في مناطق جنوب الموصل، "في الأسابيع الأخيرة وعندما بدأ الطعام ينفد وتأكد عدم وجود مساعدات ستصل للمحاصرين في مناطق الساحل الأيمن، بدأ السكان بتناول وجبة غذائية واحدة في اليوم للحفاظ على الكميات التي يمتلكونها لأكثر وقت ممكن".
أضاف "حتى الكميات التي كانت تحتفظ بها العوائل نفدت. لا أعرف ماذا يأكلون الآن، لكن بعض الذين نزحوا منهم قالوا إنهم أكلوا حتى التمر المتعفن وبقايا الدقيق غير الصالح للإستخدام البشري".
وفي 20 ايار/مايو التقى المرصد بالعائلة المكونة من 4 أفراد كانت تسكن في حي المكاوي بمدينة الموصل القديمة بعد أن نجحت في الهرب عبر مجاري المياه القديمة إلى مناطق تواجد الشرطة الإتحادية.
قالوا للمرصد العراقي لحقوق الإنسان "عندما لم يبق أي شيء نأكله ونفد كل الزرع والحنطة التي كانت بحوزتنا، قمنا بعمل شبكة لصيد الطيور التي تتواجد على سطح المنزل".
واضافوا أيضاً "الجوع قتلنا، وأموالنا نفدت، فإضطرينا إلى أكل القطط لأننا لم نجد أي شيء نأكله، حتى الأسواق القريبة علينا أُفرغت من ما فيها".
ووفقا لمصادر محلية من مناطق العروبة وحي التنك خلال مقابلتهم مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن هناك العشرات من المدنيين توفوا بسبب الجوع في أحياء الزنجيلي والتنك والرفاعي.
وقال مواطن من منطقة العروبة إن "طفلي شقيقته وعمرهما ثلاثة وأربعة اعوام توفيا خلال الشهر الماضي في منطقة الرفاعي بسبب الجوع وعدم وجود ما يأكلانه. أمهما أيضاً وصلتنا أخبار إنها في حال صحية سيئة بسبب الجوع".
واضافت مصادر طبية في مشفى القيارة إن "مئات الحالات المرضية التي تصلنا بسبب نقص التغذية عندما كانوا في مناطق سيطرة داعش، خاصة الأطفال الذين أصيب المئات منهم بالجفاف".
كما إن تنظيم داعش يستخدم الجوع سلاحاً لإجبار المدنيين على القتال معه، حيث ساوم بعض العوائل على مشاركة أحد أفرادها مقابل الحصول على المواد الغذائية التي توزع على مقاتليه وعوائلهم.
اما في قضاء الحويجة في محافظة كركوك والساحل الأيسر من قضاء الشرقاط في محافظة صلاح الدين واجه سكان هذه المناطق ظروفا مروعة تحت سيطرة داعش، منذ حزيران/يونيو 2016 عاش سكان المناطق تحت حصار من قبل التنظيم، حيث واجه الأهالي قلة توفر الغذاء وإرتفاع الأسعار وإنتشار الأمراض مع إنعدام توفر الدواء وإنقطاعٍ تام للكهرباء، بالإضافة إلى شحة توفر حليب الاطفال، في وقت نفسه سعى التنظيم إلى إحكام قبضته بشكل أكبر عليهم وعدم السماح لهم بمساعدة بعضهم خاصة في حالات المرض، إلا لمن كان لديه عنصراً يُقاتل معه.
قال أبو عماد الذي نزح من الحويجة ويتواجد في كركوك "منذ اكثر من 10 أشهر واهالي الحويجة يعانون من قلة توفر الغذاء والدواء، حيث يعتمد الناس على عمليات تهريب المواد الغذائية من الساحل الأيمن المحرر من الشرقاط إلى مناطقهم المحاصرة".
قال أيضاً "قبل أكثر من شهر انقطع التهريب نهائيا بين الساحلين الأيمن والأيسر. القوات الأمنية تمنع دخول أي مواد إلى هذه المناطق، حتى العلاج للمرضى يمنع إدخاله، فمن لديه مريض مصيره الموت لعدم توفر العلاج".
حاولنا بمساعدة نازح من الحويجة التواصل مع أحد أقاربه الذين ما زالوا يعيشون في القضاء، وقال لنا إن "أسعار المواد الغذائية في حال توفرها فهي مرتفعة جدا حيث يصل كيلو السكر إلى ٥٨ ألف دينار عراقي (48 دولار أميركي)، وكيلو الدهن الى 50 الف والملح 20 الف اما الرز يصل الى 60 الف للكيلو الواحد وحليب الأطفال فهو غير متوفر أساساً".
وتحدث وسمي الصحن وهو مدير ناحية الساحل الأيسر من الشرقاط الى المرصد، تحدث عن وجود أكثر من عشرين الف مدني مهددين بالموت في مناطق الناحية التي يسيطر عليها تنظيم داعش بسبب الحصار المفروض عليهم منذ الخامس عشر من حزيران/يونيو 2016، وقال الصحن إن "المدنيين بدأوا بزراعة حدائق منازلهم بالمنتجات الموسمية لعدم وصول المواد الغذائية إلى مناطقهم والتي وان وصلت فهي بأسعار لا يستطيعون شرائها".
تجاهل حكومي
سجل المرصد العراقي لحقوق الانسان حالات قتل وإعتداءات على المدنيين إرتكبتها القوات الامنية وعناصر مسلحة مجهولة، ودون أن تقوم الحكومة بإجراءات تردع تلك المُمارسات.
على سبيل المثال، في 30 حزيران/يونيو 2017، ادى استخدام القوة المفرطة لتفريق تظاهرات ليلية في النجف ادى الى مقتل المواطن "علي مسافر".
قال شهود عيان للمرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "المواطن علي توفي متأثراً بجروحه بعد إصابته بطلق ناري، خلال التظاهرات التي اندلعت ليلا بمدينة النجف القديمة في حي الشرطة للمطالبة بتحسين الكهرباء". أضاف الشهود إن "المئات من أهالي النجف خرجوا في تظاهرة وأشعلوا إطارات في وسط المدينة احتجاجاً على تردي الكهرباء وسط ارتفاع درجات الحرارة، وقامت قوات مكافحة الشغب بفض الإحتجاج عبر إستخدام عيارات نارية مما أدى الى مقتل متظاهر واصابة 5 اخرين".
في 3 تموز/يوليو 2017 شهد مقتل الفنان المسرحي "كرار نوشي" بعد يومين على اختطافه في بغداد علي ايدي عناصر مجهولة، حيث عثر على جثته" مرمية في منطقة شارع فلسطين وسط بغداد، وكان "نوشي" يعمل ممثلاً مسرحياً وتلقى تهديدات بالقتل بسبب طريقته في إرتداء الملابس وتسريحات شعره، وإن جثته بدت عليها آثار تعذيب بطريقة وحشية.
وفي 4 تموز/يوليو الحالي، قُتل المواطن "ضياء هادي العيساوي" بالقرب من سيطرة الصقور بين محافظتي الانبار وبغداد، داخل سيارته على ايدي احد عناصر الامن المتواجدين في المنفذ الامني، وأن عملية القتل حصلت بعد مشادة كلامية بين إحدى الأسر وبين القوات الامنية.
وجاء ذلك بعد ان تفاقمت معاناة اهالي الانبارعند سيطرة الصقور، حيث اضطر العوائل القادمة الى بغداد السير راجلة في اجواء حارة لعبور سيطرة الصقور واحيانا تغلق السلطات الامنية منفذ العبور مما تضطر العائلات الى البقاء لساعات طويلة من اجل السماح لهم بدخول بغداد.
وبرر قائد عمليات شرق الأنبار اللواء الركن سعد حربية مقتل ضياء العيساوي في سيطرة الصقور انه كان حادثاً عرضياً اثناء تنظيم السير من قبل جنود الفرقة 14 من قيادة عمليات شرق الانبار وان الرصاصة خرجت بالخطأ.
المقابر الجماعية
بعد استعادة القوات العراقية الاراضي الواقعة تحت سيطرة داعش، عثرت القوات العراقية على مقابر جماعية تضم رفاة قتلى من المدنيين في الموصل والحويجة، وبالاضافة الى جثث قتلى معركة تحرير الموصل.
في شباط/فبراير اكتشفت القوات العراقية آلاف الجثث المدفونة في ما يُعرف بحفرة "الخسفة" التي تقع على مسافة 20 كم جنوب مدينة الموصل، والتي يُتوقع أن يكون فيها ما لا يقل عن خمسة آلاف جثة. وتقع هذه الحفرة على مسافة 6 كم عن الطريق الرابط بين بغداد والموصل، وهي حفرة طبيعية ولم يقم بحفرها التنظيم، وهناك آلاف العوائل التي فقدت أبنائها في الأيام الأولى لسيطرة تنظيم "داعش" على الموصل وصلاح الدين أو حتى المعتقلين في السجون الحكومية التي سيطر عليها "داعش" فيما بعد.
وكان أول من ألقي فيها سجناء أسرهم تنظيم "داعش" من سجن بادوش الذي كانت تسيطر عليها الحكومة العراقية قبل العاشر من حزيران/يونيو 2014. وفقا لشهود عيان من مدينة الموصل إن "تنظيم داعش طمر جزء كبير من الحفرة خلال فترةٍ قصيرة. كان يُريد أن يخفي جزءاً من جرائمه في ذلك المكان".
سكان محليون من مدينة الموصل تمكنوا من الوصول للخسفة، تحدثوا للمرصد العراقي لحقوق الإنسان، عن تعمد تنظيم "داعش" كسر ساق كل من يُلقى بهم بالحفرة، حتى لا يتمكنوا من تسلقها والنجاة بأنفسهم.
واضافوا أن "تنظيم داعش كان يُهدد من يُخالف تعليماته أو أوامره بهذه الحفرة، فعوائل كثيرة من سكان الموصل عرفت أن أبنائها دُفنوا في تلك الحفرة".
بالاضافة الى ذلك، وبعد تحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش في 10 تموز/يوليو، عثرالالاف من جُثث المدنيين وقتلى عناصر "داعش" أثناء معارك تحرير مدينة الموصل، وان نسبة كبيرة من تلك الجُثث تفسخت ولم تعد ملامحها واضحة، وبعضها لم يعد موجوداً إلا بقايا العظام والملابس.
وبحسب معلومات وردت للمرصد عبر تبليغات من مواطنين يسكنون ساحل الموصل الأيمن، فإن "مناطق شهر سوق والشهوان والميدان والقليعات والنبي جرجيس، مازالت تنتشر فيها بعض الجُثث".
قال شهود عيان وعددهم 3 من سُكان الساحل الأيمن إن "بعض الجُثث تفسخت وأخرى أصبحت مجرد هياكل عظمية، وهُناك جُثث أخرى مازالت تحت الأنقاض أو في سراديب منازل هُدمت أثناء المعارك".
شهود العيان أضافوا أن "الجثث منعت بعض العوائل من العودة إلى منازلها في الساحل الأيمن، بسبب عدم إنتشالها، وهذا الجُثث التي تكون داخل المنازل قد تعود لعناصر داعش".
يروي شاهد عيان من منطقة الفيصلية القريبة على الساحل الأيمن إنه "منذ شهر ونص يُشاهد جثة شاب على الشارع، لكنها لا يستطيع التقرب منها، حتى وصلت فرق تنظيف وطلب منهم إنتشالها وإرسالها للطب العدلي".
قال ليث حبابة مدير مدير صحة نينوى وكالة إن "2650 جثة وصلت إلى الطلب العدلي المحافظة خلال الأسابيع الأخيرة، ولا نعرف العدد المتبقي للجثث التي مازالت تحت الأنقاض".
قال مصدر في الدفاع المدني بمدينة الموصل خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "هناك عشرات الجثث مازالت في منطقة الموصل القديمة، وهي على الأغلب تحت أنقاض المنازل المهدمة في المناطق التي شهدت معارك كبيرة من الشفاء والزنجيلي والني جرجيس".
قال أيضاً "اغلب الأحيان لم نعثر على جثث كاملة، بل بقايا جثث، وفي مرات عديدة عثرنا على عظام وملابس، وهُناك جثة لإمرأة كانت فيها إكسسوارات لكن ملامحها غائبة".
اما في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك، بتاريخ 12 تشرين الثاني/نوفمبر، اكتشفت القوات العراقية مقبرة جماعية تظم 400 جثة، على الأقل، قرب مدينة الحويجة، بعد اعلان تحريرها من سيطرة داعش في شهر تشرين الاول/اكتوبر، وعثر على هذه الجثث في قاعدة جوية تقع على مشارف المدينة،وكان بعض الضحايا يرتدون ملابس مدنية.
النــزوح
لم يكن عام 2017 افضل حالا من حيث عدد النازحين ومعاناتهم، حيث شهد هذا العام موجات نزوح عدة نتيجة لانتهاكات "داعش" والعمليات العسكرية ضده، حيث اعلن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للامم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن عدد النازحين قد بلغ 5.4 مليون شخص، منذ عام 2014.[1] اما في عام 2017 كان اغلب النازحين من ثلاث محافظات، حيث سجلت محافظة نينوى 57% واغلب هؤلاء النازحين كانوا من مدينة الموصل حيث نزح اكثر من 800,000 شخصا منها، وتليها محافظة الانبار بنسبة (16%) والتي سجلت نزوح اكثر من 52,200 شخص اثناء بدأ العمليات العسكرية ضد داعش في مناطق غرب الانبار من اقضية عنه وراوه والقائم. وتليهـا محافظة صلاح الدين والتي سجلت نسبة 14% نتيجة للعمليات القتالية ضد التنظيم في قضاء الشرقاط، كما سجلت محافظة كركوك نسبة 2% حيث نزح 9,000 فردا من قضاء الحويجة خلال العمليات العسكرية في شهر ايلول/سبتمبر من هذا العام.
معاناة النازحين في مناطق نزوحهم
ان هذه الاعداد الهائلة من النازحين تواجه صعوبة الحصول على المأوى المناسب مع وقلة توفر الغذاء والمياة والكهرباء في مناطق نزوحهم، وقد وثق المرصد العراقي لحقوق الانسان معاناتهم في تلك المحافظات.
ففي محافظة نينوى، وصل عدد النازحين إلى ما يقارب 197 الف نازح منذ بدء عمليات استعادة الموصل في 17 اكتوبر/تشرين الاول 2016، ويعيش النازحون في مخيمات تفتقر الى ابسط الخدمات والمستلتزمات الصحية اللازمة لضروريات معيشتهم، وسط مخاوف من إنتشار الأمراض في ظل عدم توفر الغذاء بشكل كامل في بعض المخيمات. ففي مدينة الموصل بعد اعلان رئيس مجلس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، في التاسع عشر من شباط/فبراير2017، انطلاق عمليات تحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل، وفي ظل إشتداد حدة المعارك في الساحل الايمن من المدينة، سجلت شبكة الرصد التابعة للمرصد العراقي لحقوق الإنسان في مناطق شمال العراق، نزوح عشرات العائلات خلال الساعات الاولى لبدأ العمليات القتالية، حيث نزحت اكثر من 143 من القرى المحيطة بالساحل الأيمن من مدينة الموصل، ونُقلوا إلى مخيمات قريبة من قضاء القيارة التابع لمحافظة نينوى. وكما سُجل في القوائم الرسمية للدوائر المسؤولة عن إدارة النزوح في العراق 411 نازحاً من القرى القريبة من الساحل الأيمن، الا إن الجهات التنفيذية العراقية المعنية بإدارة شؤون النازحين لم تستجيب بشكل سريع للعوائل التي نزحت من القرى المحيطة بالساحل الأيمن من مدينة الموصل، ومع إشتداد العمليات العسكرية لتحرير الساحل الأيمن من مدينة الموصل، نزحت أربعة آلاف عائلة من المناطق التي تشهد معارك شرسة بين القوات الحكومية العراقية وتنظيم "داعش"، وإتجهت جميعها إلى مخيمات الجدعة1 والجدعة2 وحمام العليل والحاج علي.
وفي يوم 28 شباط/فبراير 2017، نزحت 1346 عائلة مكونة من 8470 فرداً، كانوا يعيشون في مناطق المأمون والطيران والحضر والسماح والعبور، نازحون في مخيم حمام العليل تحدثوا للمرصد العراقي لحقوق الإنسان، عن سوء الخدمات المقدمة في المخيم، حيث قلة الغذاء والمياه وحليب الأطفال وبقية مستلزماتهم، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نقص في الخيم التي يُفترض أن تسع العوائل النازحة من مناطق سكناها. والنازحين الذين يعيشون في مخيم حمام العليل، قالوا أيضاً إن المخيم يفتقد كذلك إلى الإسعافات الطبية، ولا توجد هناك سيارة إسعاف لنقل مرضى المخيم والجرحى الذين تعرضوا للإعتداء من قبل تنظيم "داعش" أثناء نزوحهم، وهو ما دفع عدداً منهم إلى التوجه لمخيمات أخرى. وتحدث مجموعة من النازحين إلى المرصد العراقي في مخيم الجدعة1، عن الوضع "المأساوي" الذي كان يرافقهم حتى وصولهم للمخيمات، فهم يعتقدون إنه وبرغم الخروج الصعب من مناطقهم إلا أنهم عانوا من جديد في المخيمات والإجراءات الأمنية المشددة وعدم توفر الخدمات الأساسية.
وتوزع بعض النازحين في مخيمات اخرى أبرزها حسن شام والجدعة، وبحسب نازحين إلتقاهم المرصد العراقي لحقوق الإنسان بالقرب من مخيم الجدعة فإن أوضاعهم صعبة، فهناك نقص في المواد الغذائية والطبية، ومستلزمات الأطفال من حليب وحفاظات وأغطية تقيهم برد الشتاء, كما اشتكى بعض النازحين من الإجراءات الأمنية معقدة في المخيم.
وفي شهر اذار/مارس2017، وثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان انتشار الامراض بين صفوف النازحين في الساحل الايسر من الموصل، حيث سجل إصابة 276 حالة إصابة بمرض التيفوئيد بسبب نقص المياه الصالحة للشرب والإستحمام وعدم تعقيمها، وكان من بين المصابين نساء وأطفال.
وأكد مدير عام صحة نينوى الدكتور صلاح الدين ذنون النعيمي للمرصد العراقي لحقوق الإنسان، معلومات المرصد حول الإصابات التي تعرض لها السكان بمرض التيفوئيد، فيما تحدث عن وجود حالات تزايد بهذه الإصابات.
وقالت النائب عن محافظة نينوى نورا البجاري، إن "المراكز الصحية في مدينة الموصل تشهد نقصا كبيرا بالأدوية، وأن امراض الثلاسيميا والكلى انتشرت بشكل واضح في المدينة".
وأضافت أن "هناك حالات وفاة حصلت بين المواطنين لعدم توفر الأدوية في مدينة الموصل، وان مستشفى الولادة لا توجد فيها مواد مخدرة لغرض إجراء عمليات الولادة لنساء، بالإضافة الى تدمير مستشفى معالجة امراض الثلاسيميا من قبل الإرهابيين".
وفي 12 حزيران/يونيو، وثق المرصد تسمم العشرات من النازحين في مخيم الخازر شرقي مدينة الموصل، حيث تجاوزعدد المصابين بالتسمم 250 شخصا بعد تناولهم وجبة إفطار قدمت لهم من منظمة RAF الخيرية القطرية.
وحتى العشرين من آذار/مارس 2017 بلغ عدد النازحين الذين وصلوا للمخيمات أكثر من 415 ألف نازح، توزعوا على مخيمات الجدعة 1 و2و3و4 والنركزلية وحمام العليل وحسن شام والقيارة - مدرج المطار-، بالإضافة إلى ذهاب بعضهم لدى أقاربهم في مناطق الساحل الأيسر المحرر. وبذلك تزداد حدة الازمة الانسانية، ورصدت شبكة الرصد في مخيم حمام العليل عدم وجود ما يساعد النازحين على البقاء أثناء تواجدهم في مخيم، لذا قرر بعضهم الذهاب إلى الساحل الأيسر الذي يعاني بدوره من نقص في بعض الخدمات، وكما اكد النازحين الذين قابلهم المرصد قالوا إن "منزلهم في حي الرسالة سقط بشكل كامل بسبب القصف الجوي، وهم غير قادرين على العيش في الخيام بسبب عددهم الكبير الذي لم تسعه الخيمة"، وقالوا "قررنا الذهاب لدى أقاربنا لعلنا نحصل على عمل أو حياة أفضل من المخيمات"،
اما في مخيم النركزلية فلم يكن الوضع الانساني افضل حالا حيث تحدث بعض النازحين عن "صعوبة العيش في الخيام بسبب نقص المستلزمات الحياتية"، وقالت شبكة الرصد التي يتواجد بعض أعضائها في مدينة الموصل إن "بعض المخيمات ما زالت تفتقد للمستلزمات الأساسية التي يُفترض أن تتوفر فيها، منها المياه الصالحة للشرب التي لم تتوفر بشكل مستمر، والمستلزمات الطبية، وكذلك الكهرباء التي تنقطع بشكل كبير".
وفي تصريح لعضو مجلس النواب العراقي زاهد الخاتوني، وعضو مجلس محافظة نينوى خلف اللحظات الحديدي، حول وضع مخيم الجدعة جنوب الموصل في ظل تقصير المؤسسات الحكومية بتوفير متطلباته، قال الخاتوني "قمنا بزيارة الى مخيم الجدعة في ناحية القيارة جنوب الموصل للإطلاع على اوضاع النازحين من الجانب الايمن لمدينة الموصل، ووجدنا هناك اهمال لأوضاع النازحين".
واضاف "هناك قلة بالطعام المقدم والماء الصالح للشرب أو التغسيل، وكذلك هناك ضعف بالخدمات الصحية والادوية وعدم توفر الوقود للتدفئة".
من جانبه قال الحديدي ان الاوضاع مأساوية هناك، وان هناك نقص بالمواد الغذائية والاغطية والفرش، بالاضافة الى وجود خلل كبير جدا بالخدمات الصحية ونقص حاد بالأدوية.
اما في ناحية تل عبطة (73كلم عن مدينة الموصل)، يعيش ما يقارب 90 ألف نازح في مخيم أم الجرابيع ويفترشون الأرض من دون خيم أو مساعدات أو حتى طعام يأكلونه. وتوفي بتاريخ 6 ايار/مايو طفل وإمرأة مسنة بسبب العطش في المخيم، حيث قال عضو في شبكة الرصد والذي تواجد في مخيم أم الجرابيع إن "المكان الذي يتواجد فيه 90 ألف نازح يُسمى مخيماً، لكنه في الحقيقة ليس سوى مكان مُحدد بسياجٍ من أسلاك وفيه فقط 200 خيمة أول أقل، والعوائل هناك لا تجد ما تأكله أو تشربه".
قال عضو شبكة الرصد الذي رافق تلك العوائل "لم نلحظ وجود أي عضو من الحكومة المحلية، أو حتى من الحكومة الإتحادية، فالناس هناك بقوا في الصحراء ويتوسلون للحصول على مياه نقية لشربها، كما لا توجد أية منظمة إغاثية".
وقال نازح إلتقته شبكة الرصد في مخيم ام الجرابيع وهو يستظل بسيارته الكبيرة مع عائلته إن "المخيم لا يوجد فيه أي شيء. المشكلة اننا جلبنا معنا مواشينا التي نفق بعضها. لم تصلنا أية مساعدات، بل وصلتنا صهاريج مياه ملوثة بالكاز. وضعنا فراشنا على السيارات لنحمي أنفسنا من أشعة الشمس".
وان نزوح هذه العوائل كان من مجمعي الصكار والرسالة وقضاء البعاج، بالإضافة إلى القرى الحدودية التي هرب سكانها بإتجاه قوات هيئة الحشد الشعبي أثناء وصولهم هناك.
قالت نازحة أخرى وهي أيضاً من قضاء البعاج إن "أطفالها لم يستحموا منذ ثلاثة أسابيع، ولم يأكلوا سوى ما حصلوا عليه من القوات الأمنية أثناء وجودها بالقرب منهم. أنا أيضاً لم أشرب الماء منذ 11 ساعة".
وفي قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى، بلغ عدد نازحي حوالي 42,000 شخصا، ومنذ اعلان بدأت العملية العسكرية لاستعادة مدينة تلعفر والمناطق التابعة لها من تنظيم داعش في 20 اب/أغسطس، نزح 20,204 شخصا عبر نقطتي تجمع بوير ومسعيد في محافظة نينوى.[3]
وكانت الاستعدادات الحكومية لا تتناسب واعداد النازحين القادمين من تلعفر، حيث قال النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري، إن "هناك حالات نزوح كبيرة بدأت من قرى تويم والمجارين وابو ماريا ومن ناحية المحلبية التابعة لقضاء تلعفر بما لا يقل عن الفي شخص بشكل يومي"، وان "النازحين يتم استقبالهم من قبل القطعات العسكرية على اطراف تلك المناطق وتقديم مايمكن تقديمه لهم".[4]
اما في الساحل الايسر من الشرقاط من محافظة صلاح الدين وقضاء الحويجة في كركوك والتي شهدت موجات نزوح جماعي طوال العام، وثق المرصد العراقي لحقوق الانسان معاناة هذه العوائل في مناطق نزوحهم و ظروفهم المعيشية الصعبة، ومنذ بدء العمليات في 21 أيلول نزحت مئات العائلات، يتوزع نازحو هذه المناطق في تكريت والساحل الايمن المحرر من الشرقاط في محافظة صلاح الدين، وفي قضاء داقوق بمحافظة كركوك. وتأوى هذه العائلات في منازل اقاربها وبعضهم يستقر في بيوت عوائل اخرى كمساعدة انسانية، وممن تتوفر لديهم الامكانيات المادية المناسبة يستقرون في منازل مؤجرة. وهناك مخيمات نزوح المتوزعة في محافظة صلاح الدين بمدينة تكريت وناحية العلم وشمال بيجي وناحية الاسحاقي، تستقبل هؤلاء النازحين. كما تتوجه بعض العائلات الى مخيم ليلان في محافظة كركوك والذي تستقر فية مئات العوائل من صلاح الدين والانبار والموصل، وبعضها تسكن في المدارس ومبان غير مكتملة البناء ومهجورة وبيوت طينة، ففي قضاء الشرقاط في الساحل الايمن منه، استقبل يوميا 150عائلة نازحة على الاقل من الحويجة والساحل الايسر من الشرقاط، وتعيش بعض هذه العوائل في العراء لعدم توفر مكان يأويها، وتعاني من عدم توفر المستلزمات الصحية والادوية وقلة توفر الغذاء وحليب الاطفال.
وفي مدينة تكريت في حي القادسية وثق المرصد العراقي وجود اكثر من 40 عائلة في مجمع سكني غير مكتمل البناء وتواجه العوائل الظروف فيه قاسية، حيث لا تتوفر المياة ولا الكهرباء، يعاني بعض النازحين بالاخص كبار السن والاطفال من الامراض، وكان بعض الاشخاص من النازحين، استقروا في كراج تابع لبلدية تكريت وهومكان غير صالح للسكن اساسآ.
اما مخيم العلم شرق تكريت، الخدمات سيئة في المخيم، هناك امراض جلدية منتشرة بين النازحين بسبب البيئة الصحية التي يتواجد فيها الاهالي، الاطفال يعانون من الالتهابات والجرب، وامراض في الامعاء بسبب تلوث المياة، يعتمد الاهالي على الخدمات التي تقدمها بعض المنظمات اما دور الحكومة المحلية لايتناسب واعداد النازحين، وبعض العوائل تسكن في بيوت طينية ومباني مهجورة.
وكما ان 100 الف مدني نزحوا من قضاء الحويجة بين آب/اغسطس 2016 ولغاية أيلول/سبتمبر2017، وإن أغلب المدنيين الفارين من مركز القضاء توجهوا إلى القرى المحيطة به، أو إلى مركز محافظة كركوك عبر بوابة مكتب خالد في منطقة تل الورد التي تُعتبر منطقة تماس بين قوات البيشمركة الكردية وتنظيم داعش.
وسكان القضاء فروا نتيجة ممارسات وإنتهاكات يرتكبها عناصر داعش بحقهم بالإضافة إلى تعرضهم لقصف من قبل طيران التحالف الدولي بسبب وجود مقرات التنظيم داخل الأحياء السكنية.
ووفقا لشبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن الارقام المتوفرة تُشير إلى تواجد أكثر من 1700 عائلة من الحويجة في مخيم داقوق التابع لمحافظة كركوك والذي يعيش فيه أغلبية سكان القضاء الفارين من داعش، بالإضافة إلى نازحين من قضاء البعاج وبعض مناطق محافظة نينوى.
وفي مخيم داقوق جنوب كركوك، الذي تأوي فية مئات العائلات من الحويجة، يعاني نازحون في المخيم، من تفاقم أوضاعهم المعيشية بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وانعدام المساعدات الإنسانية، وكذلك الحال بالنسبة للمخيمات الاخرى في كركوك.
ويشير المرصد إلى ان سكان مخيم داقوق يعانون من تقييد في حرية التنقل، حيث قال عبد الباري الجبوري وهو نازح هناك إن "المخيم عبارة عن سجن فمن يدخل إليه لا يسمح له بالخروج"، ويقول أيضاً "إننا جئنا إلى المخيم بداية عام 2017 وبعد مكوثنا في مكتب خالد ثلاثة أيام تم نقلنا إلى المخيم عبر باصات ولا يُسمح لنا بالخروج بحجة الأسباب الأمنية".
قال ضياء بدرالين وهو مُحامي من الحويجة ويسكن الآن محافظة كركوك، إن "أغلب الهاربين من الحويجة يتم نقلهم إلى مخيم داقوق وهو مخيم معزول عن العالم حتى يتم منع المسؤولين من الدخول إليه ومتابعة أحوال المقيمين فيه".
وبالاضافة الى ذلك فإن محافظة الانبارشهدت هي الاخرى موجات نزوح كبيرة، وحددت مصفوفة المنظمة الدولية للهجرة لتتبع النزوح في حالات الطوارىء للفترة من بداية كانون الثاني الى 2 تشرين الاول/اكتوبر2017 ما مجموعة 54,564 نازح من غرب الانبار، من أقضية عانة والقائم وراوة.[5] وتوزعوا داخل محافظة الانبار نفسها، أغلبهم الى قضاء الفلوجة والرمادي وهيت ونزح آخرون الى محافظة بغداد ومحافظة أربيل.
حيث يأوى بعضهم عدد من المخيمات منها مخيم النازحين في الكيلو 18 ومخيم الحبانية والخالدية والعامرية ومخيمات بزيبز وجزيرة الكرمة شرقي الفلوجة وتضم هذه المخيمات اكثر من 7000 الاف عائلة نازحة .وعند بدأت العمليات العسكرية لاستعادة مناطق غرب الانبار رسميا في ١٩ أيلول/سبتمبر، حددت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في الاسبوعين الماضيين أكثر من ٨,٥٠٠ شخص نازح حديثاً،ويعيش اغلب النازحين ظروفا انسانية صعبة في هذه المخيمات.
واكد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الأنبار نعيم عبد المحسن الكعود، ان النازحين في مخيمات الانبار يعيشون أوضاعا إنسانية قاسية من الظروف الجو وارتفاع درجات الحرارة وكذلك قلة الدعم المقدم لهم من قبل المنظمات الدولية وكذلك قلة الدعم الحكومي من وزارة الهجرة والمهجرين، وقال الكعود إن "هناك اعدادا كبيرة من النازحين يتواجدون في مخيمات الأنبار بالرمادي والخالدية والحبانية والسياحية وعامرية الفلوجة وبزيبز"، مبينا أن "اعداد النازحين في المخيمات يتجاوز 15 ألف نازح واغلبيتهم من أهالي عنة وراوة والقائم."[6]
وخلال الفترة من 23 تشرين الاول/اكتوبر الى 3تشرين الثاني/ نوفمبر، سجل المرصد العراقي لحقوق الإنسان اعداد النازحين من مناطق غرب الانبار، حيث نزحت ألفي عائلة من قضائي راوه والقائم بسبب العمليات العسكرية لتحرير القضائين من تنظيم "داعش".
وان 1300 عائلة نُقلت إلى مخيم الـ18 كيلو بعد أن دُققت أمنياً من قبل السلطات الأمنية العراقية، بينما نُقلت 700 عائلة أخرى إلى منطقة ألبو عبيد شرق قضاء راوه، وتمكنت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان من الوصول إلى 4 نازحين عبر الهاتف النقال تواجدوا في مخيم الـ18 كيلو، تحدثوا عن نقص الخدمات المقدمة لهم ومأساة الهروب من مناطق سيطرة "داعش".
حيث قالوا إن "الوضع في مخيم الـ18 كيلو غير جيد. عدد العوائل كبير والمساعدات التي تصل لا تكفيهم. نحن بحاجة لأفرشة وأغطية، فالبرد قد يفتك بنا".
وقال مصدر أمني عراقي خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان "نُدقق يومياً 120 عائلة تقريباً بعد وصولها من قضائي راوه والقائم ومن ثُم تُرسل إلى المخيمات".
قال النائب في البرلمان العراقي، سالم العيساوي في تصريح له "بعد انطلاق العمليات العسكرية بدأت العائلات بالنزوح، ولم توفر الحكومة المحلية أو المركزية مخيمات كافية لإيواء النازحين. هذه الحالة تكررت أكثر من مرة في العمليات السابقة، وتبقى العوائل في العراء بدون خيام ولا طعام مما يسبب أمراضا ووفيات في بعض الأحيان للنازحين".
معاناة النازحين اثناء محاولتهم الهروب من مناطق داعش
اضافة الى ذلك، النازحون الذين يحاولون الهرب من مناطق داعش معرضين لمخاطر عديدة، منها الاختطاف من قبل عناصر تنظيم داعش أو التعرض لنيرانه، والمشي لساعات طويلة تحت حرارة الشمس ومع شح المؤونة، وقيام عناصر داعش بزرع عبوات ناسفة في الطريق الذي يستخدمه المدنيون للهرب، ووثق المرصد العراقي لحقوق الانسان الانتهاكات التي تعرضت لها العوائل النازحة اثناء نزوحها من مناطق داعش، ففي 8 يناير/كانون الثاني 2017 قام عناصر داعش بإطلاق النار على العوائل التي تحاول الهرب من الجانب الايسر من الشرقاط وقضاء الحويجة ممى ادى الى اصابة 3 اشخاص على الاقل. كما يقوم عناصر التنظيم بزرع العبوات الناسفة في الطرق التي تستخدمها العوائل للهرب ولمنع خروجهم، فيؤدي انفجار هذه العبوات الى اصابة العشرات من الاهالي، وفي 9يناير/كانون الثاني2017 ادى انفجار عبوة ناسفة الى اصابة 10 اشخاص على الاقل اثناء محاولتهم الهرب من ناحية العباسي التابعة لقضاء الحويجة في محافظة كركوك، وفي 13يناير/كانون الثاني 2017 اقدم تنظيم داعش على حرق ام و4 من اطفالها، ثلاث فتيات وولد بعمر تسعة اشهر من اهالي قضاء الحويجة بذريعة ترك ارض الخلافة.
وفق شهادات للنازحين من الشرقاط تحدثوا عن مخاطر هروبهم، حيث يضطر نازحي هذه المناطق الى المشي مسافة لا تقل عن 20 كيلومترا وصولا الى منطقة تلول الباج جنوب غرب الشرقاط والواقعة تحت سيطرة القوات الامنية, معظم هؤلاء النازحين هم من النساء والاطفال وكبار السن وهم يعانون من الجفاف بسبب السير لمسافات طويلة في حر الصيف وبرد الشتاء مجتازين المناطق صحراوية ويعانون من سوء التغذية بسبب الحصار المفروض على مناطقهم و غلاء الاسعار, اضافة الى مخاطر العمليات العسكرية التي تضطرهم الى مغادرة اراضيهم والنزوح مشيا على الاقدام الى مناطق سيطرة القوات الامنية حيث يتم نقلهم الى مجمعات في منطقة الحجاج جنوب بيجي للتدقيق الامني واخراج المطلوبين واقرباء داعش. ومن هنا تبدأ عملية توزيع النازحين, فمنهم من يبقى في مناطق الحجاج والبوطعمة التابعة لقضاء بيجي والاغلبية تتوجه الى مدينة تكريت وكركوك.
وتحدث نازحون من الحويجة عن قيام تنظيم داعش بزرع العبوات الناسفة في الطريق الرئيسي اتجاه تلال حمرين والذي تستخدمه معضم العوائل للهرب من سيطرة داعش، والسير لاكثر من من 6 ساعات للوصول الى مناطق سيطرة الجيش العراقي، واكدو عن قيام عناصر التنظيم بإعتقال الاهالي اللذين يحاولون الهرب، فيقوم بإعدام بعض منهم لتخويف الاهالي، وبسبب المسافة الطويلة التي يقطعها النازحون مع قلة الغذاء و الماء يؤدي الى وفاة بعض الاطفال بسبب الجفاف والبرد.
وبحسب مصادر محلية في 24آب/أغسطس، قام عناصر التنظيم بحرق ثمانية مدنيين بينهم طفل بعد أن حاولوا الفرار من قضاء الحويجة.
والى جانب ذلك، ولم تقتصر الانتهاكات على تنظيم داعش فالقوات الامنية ارتكبت اعمال بحق النازحين، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر قيام بعض العناصر الامنية يرجح انها من قوات الكردية تعتدي بالضرب على نازحين من الحويجة اثناء محاولتهم الهرب من مناطق سيطرة تنظيم داعش[7].
ومن جهة اخرى، ان اجراءات التدقيق الامني التي تقوم بها القوات العراقية تؤخر من دخول النازحين الى اماكن امنة، حيث يضطر النازحين الى المبيت في العراء ليومين او اكثر، بالاخص اذا حصلت موجة نزوح جماعي.
ففي 14 نيسان/ابريل 2017، وثق المرصد العراقي وفاة إمرأة تبلغ من العمر سبعين عاماً، بالاضافة الى وفاة 4 اطفال آخرين بسبب الجوع وعدم توفر الدواء، نتيجة قيام السلطات المحلية بإيقاف عملية إدخال النازحين الهاربين من الحويجة بإتجاه المدينة حيث معبر مكتب خالد الذي يُعتبر منطقة تماس بين قوات البيشمركة الكردية وتنظيم داعش، حيث تم احتجاز العوائل النازحة عشرة أيام على حدود محافظة كركوك في قرية سلطان مرعي القريبة من مناطق إشتباك البيشمركة وداعش.
اما في محافظة الانبار لم تكن اوضاع النازحين اثناء نزوحهم افضل حالا، من حيث إجراءات دخول نازحي القائم الى المخيمات في الانبار، حيث قال رئيس مجلس قضاء القائم بالأنبار ناظم البردان إن "هناك مضايقات من قبل بعض السيطرات التابعة للقوات الأمنية لنازحي القائم المتواجدين في المخيمات وبعض المناطق التي نزحوا إليها بالأنبار".[8]
وفي مدينة الموصل، فالمدنيين الذين يحاولون الهرب من مناطق سيطرة تنظيم "داعش" قبل وأثناء المعارك بين القوات الحكومية وعناصر التنظيم، لا يجدون ممرات آمنة توصلهم إلى بر الأمان، فهم دائماً ما يتعرضون لهجمات مسلحي التنظيم، وتعرض النازحين للمخاطر أثناء نزوحهم بسبب القصف الذي يقوم به تنظيم داعش محاولة منه لقتل وترهيب أكبر عدد من المدنيين العزل.
هذا ورصدت شبكة الرصد التابعة للمرصد العراقي لحقوق الانسان بتاريخ 9 اذار/مارس 2017، اصابة ٥٠ نازح على أثناء نزوحهم من الموصل بسبب الألغام والعبوات الناسفة.
وبحسب شبكة الرصد قُتل ما لا يقل عن 25 مدنياً في شهر نيسان/أبريل 2017 في شارع أبو زعيان بالساحل الأيمن الذي يُعد واحداً من "الممرات الآمنة" التي فتحتها القوات الحكومية العراقية.
ووفقا لشهادات نازحي الموصل اكدو للمرصد ان بمجرد محاولة الهرب من مناطق سيطرة التنظيم، يبدأ القناص بإستهداف المدنيين، وان الممرات الآمنة مسيطرعليها ناريا من قبل عناصر تنظيم داعش، هما ممري مشفى نينوى الاهلي - شارع المحطة -، وكذلك ممر شارع ابو زعيان بإتجاه الصناعة القديمة. وكانت القوات الأمنية العراقية تبذل جهداً كبيراً لمساعدة المدنيين في الهروب من مناطق الإشتباك، لكنها تواجه أيضاً إطلاقات نار قناصة تنظيم داعش، ورغم هذا تُساعد تلك القوات عشرات العوائل يومياً على الوصول إلى بر الآمن لكن بعضهم يُجرح ويُقتل بالعبوات الناسفة أو قذائف الهاون أو برصاص القناص.
ووفقا لمصادر طبية تقدم المساعدات للعوائل النازحة من مناطق الساحل الأيمن قالت إن "العلاج يُقدم لأكثر من خمسين جريحاً يومياً تعرضوا للإصابة أثناء النزوح. يستخدم التنظيم قذائف الهاون والعبوات الناسفة لإستهداف المدنيين الهاربين من مناطق سيطرته"، ذات المصادر تحدثت أيضاً عن أن "الأطفال هم الأكثر تعرضاً للإصابات، فالعوائل التي تفر من مناطق النزوح لا تعرف أي الطرق تسلك فجميعها مستهدفة من قبل التنظيم".
ولم تقتصر ازمة النزوح والتهجير بسبب الاعمال العسكرية ضد تنظيم داعش، شهد قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى نزوح أكثر من مئتي عائلة نتيجة للمعارك التي دارت بين قوات كردية - كردية، داخل المناطق السكنية أو في الطُرق التي يستخدمها المدنيين، ففي 3 آذار/مارس 2017، إندلع في قضاء سنجار قتالاً بين قوات pkk (حزب العمال الكردستاني)، وقوات YPG (وحدات حماية الشعب) وكذلك بيشمركة روج آفا التابعة لقوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق.
القتال الذي دار بين القوات الكردية في طريق عام بين منطقتي سنوني وخانسور، تسبب بمقتل العشرات من الطرفين، لكن تسبب أيضاً بنزوح أكثر من 200 عائلة بإتجاه جبل سنجار ومناطق أخرى من إقليم كردستان العراق.
قال ناشطون أيزيدون من سنجار إن "العوائل التي نزحت من منطقتي خانسور وسنوني، إتجهت نحو جبل سنجار الذي هربت إليه الأيزيدون عندما إجتاح تنظيم داعش القضاء عام 2014".
والى جانب ذلك، ان تقليل الأمم المتحدة نسبة المساعدات الإنسانية كان له اثر على معاناة النازحين، حيث اعلن مكتب تنسيق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في العراق ان هناك نقصا في التمويل الانساني في العراق لعام 2017، وان هناك غلق لمشاريع بسبب نقص التمويل،إذ لم يتم تمويل خطة الاستجابة الانسانية لعام 2017 سوى بنسبة 56%.
عوائق عودة النازحين
على الرغم من عودة مليون ونصف نازح الى مناطقهم بعد ان استعادتها القوات الامنية في محافظات صلاح الدين والانبار،[9] وعودة 30 % من النازحي الموصل إلى مناطقهم المحررة،[10] لا تزال اعداد كبيرة من النازحين لايستطيعون العودة الى ديارهم، نتيجة لخوف بعض النازحين من الأعمال الانتقامية في حال عودتهم، بالاضافة الى الاضرار التي لحقت في البنية التحتية للمدن المحررة جراء العمليات العسكرية، ووجود بعض المنازل المفخخة والعبوات الناسفة الغير المتفجرة والتي تفاقم الازمة.
ففي مدينة الموصل بمحافظة نينوى، ادت الاضرار التي لحقت بمنازل المواطنيين والبنى التحتية ومخلفات العمليات العسكرية الى حدوث عراقيل في عودة الحياة الى المدينة، حيث دمر 32,000 منزل غرب الموصل.
وقد اعلن رئيس مجلس محافظة نينوى، بشار الكيكي،أن "نسبة الدمار في الجانب الأيمن تقدر بأكثر من 80%"، واضاف "ان الوضع في ذلك الجانب سيء بشكل أكثر، حيث النازحون لا يستطيون أن يعودوا في ظل الوضع الراهن باعتبار هناك مناطق لم تنظف من المتفجرات ومخلفات الحرب".[11]
إن أعداد العائدين إلى مناطقهم في محافظة نينوى بلغت 333 ألفاً و132 نازحاً، من مجموع أكثر من مليون نازح كانوا قد نزحوا خلال عمليات تطهير أقضية ونواحي ومناطق المحافظة، الى جانب ذلك، هناك مخاوف من تردي الوضع الاقتصادي والامني االتي سوف تواجه العائدين.
اما مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين، والتي استعادتها القوات الامنية والقوات التابعة لها بتاريخ 20 تشرين الاول/اكتوبر 2015[12]، لايزال سكانها مشردين في المخيمات حيث يقدر اعدادهم ب 130 ألف نازح من بيجي، من ابرز العوائق التي تحول دون عودتهم الدمار الهائل الذي لحق في المدينة، حيث تعرضت للتدمير اثناء سيطرة داعش عمد التنظيم إلى تدمير المؤسسات الحكومية ودور المنتسبين في القوات الأمنية والأجهزة التابعة لها ودور المحامين والقضاة والشيوخ من أبناء القضاء، الى جانب عمليات الحرق ونهب وتفجير للمؤسسات ودور المواطنيين بعد عمليات التحرير من قبل قوات التابعة للقوات الامنية، وعدم اعادة اعمارها وتوفير الخدمات الاساسية للسكان.
وبالاضافة الى ذلك، هناك خلافات عشائرية واتهامات بالارهاب وتعاون مع تنظيم داعش والقتال معه، ومخاوف من عمليات انتقامية ادت الى عدم عودة بعض النازحين الى ديارهم.
ففي ناحيتي عزيز بلد ويثرب جنوب تكريت، لايزال اغلب سكانها لم يعودوا الى مناطقهم، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على استعادة هذه المناطق من سيطرة داعش، حيث لاتسمح القوات المسيطرة على الارض عودة اهالي عزيز بلد إلى ديارهم، وبعض من نازحي يثرب، وقد جرى هدم وتفجير ونهب المنازل والأراضي الزراعية والممتلكات في تلك المناطق على أيدي عناصر تنظيم داعش، وأثناء العمليات العسكرية الى جانب الاعمال الانتقامية على أيدي القوات المسيطرة على الارض بعد استعادة المنطقة، كعقوبة جماعية.
وحدد السلطات المحلية في صلاح الدين موعدا لانتهاء ملف النازحين، اخر موعد تم تحديده في 15 من شهر تشرين الثاني 2017، وبعد انتهاء المهلة لم يصدر حتى الآن أي بيان من حكومة صلاح الدين المحلية يفيد بعودة عوائل النازحة.
اما في مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار، أعداداً كبيرة من العوائل التي نزحت اثناء العمليات العسكرية من مدينة الفلوجة، لا تستطيع العودة الى مناطقها الأصلية، على الرغم من تحريرها قبل أكثر من عام، فالنزاعات الخلافات العشائرية وعمليات الإنتقام تحول دون ذلك.
وعلى الرغم إعلان البراءة من عناصر التنظيم الذين يرتبطون بصلة قرابة معهم، والذي ويكون بتعهد تحريري إما لدى مختار المنطقة، أو لدى القائم مقام ويُصدق في المحكمة، واكمال الموافقات الامنية، ان إرتباط بعض الأسر بقرابة مع أحد عناصر تنظيم داعش، تسبب بمنع عودة المئات منها إلى مناطقها والبقاء في مخيمات النزوح، ولأن العشائر هناك لم تلتزم بتعهد البراءة الذي يُقدم من أقارب عناصر داعش، فإن حياتهم تبقى معرضة للخطر في حال عودتهم.
ففي مخيمات عامرية الفلوجة لاتزال هناك 50 عائلة من أصل 190 لا تستطيع العودة الى مناطقها بسبب تأخر خروجها من المدينة حتى قبل التحرير بأيام، وهذا ما إعتبرته بعض العشائر ولائاً لداعش.
وفي ناحية جرف الصخر بمحافظة بابل، منع سكانها البالغ عددهم 120 ألف نسمة، من العودة وقد استعادتها القوات الامنية من داعش منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، وترفض السلطات المحلية عودة النازحين، حيث اصدر مجلس بابل قرارا في 23 تشرين الثاني 2017، برفع دعاوى قضائية ضد جهات "حزبية" وسياسية طالبت بعودة آلاف العوائل النازحة جرف النصر إلى مناطقهم، لاسباب امنية حيث قالت رئيسة اللجنة القانونية في مجلس بابل احلام راشد ان "هذا القرار جاء بسبب ارتفاع نسبة الهجمات التي طالت القوات الامنية والحشد الشعبي في ناحية الجرف وقضاء المسيب خلال الفترة الماضي".
الترحيل القسري
ان عمليات الترحيل القسري بحق المدنيين مستمرة في العراق،حيث وثق المرصد العراقي لحقوق الانسان عمليات ترحيل قسري بحق العوائل تقوم بها فصائل مسلحة، في صلاح الدين ونينوى والانبار وكركوك في مرحلة مابعد استعادة المناطق من تنظيم داعش، لاسباب مختلفة.
ظهرت اولى عمليات التهجير القسري مابعد استعادة المناطق من "داعش" في محافظتي بابل وصلاح الدين، عندما قررت السلطات المحلية هدم منزل وترحيل كل من يثبت تورطه من أبناء المحافظة بأعمال إرهابية، بالاضافة الى ترحيل عائلته، حيث قال محافظ بابل، صادق السلطاني، في تصريح له إن "المجلس اتخذ قرارا بهدم منزل كل من يثبت تورطه في أعمال إرهابية، وترحيل عائلته من المحافظة إذا ثبت تسترها عليه". واضاف المحافظ، أن "الأجهزة الأمنية لديها معلومات حول بعض العائلات التي ثبت تسترها على إرهابيين".
وفي محافظة صلاح الدين، قامت مديرية شرطة الضلوعية بحملة لاغلاق جميع منازل عناصر داعش ومحلاتهم وعدم السماح لاي شخص بالسكن في هذه المنازل، حسب توجيهات قيادة عمليات سامراء،وتشمل ايضا ترحيل عوائل داعش اللذين عادوا الى الضلوعية بعد انتهاء العمليات العسكرية بمناطق جنوب تكريت في كانون الاول من عام 2014[13]، وفي 31 اب/ اغسطس 2016، اصدر مجلس محافظة صلاح الدين قرارا، يقضي بمنع عودة عوائل داعش وكل من تعاون معهم، اضافة الى ترحيل عوائلهم من المحافظة، وأن مدة الترحيل لا تقل عن عشر سنوات، والحجز على ممتلكاتهم وأن القرار سيخضع للمراجعة كل ستة أشهر[14].
ومن جهة اخرى قامت قوات امنية والحشد العشائري السني في قضاء الشرقاط بالساحل الايمن منه بترحيل عوائل داعش، حيث انتشر فيديو على احدى المواقع الاخبارية يوثق عمليات الترحيل، وتظهر فية السيدة والتي تدعى "أم هنادي " في مقطع فيديو وهي تقوم مع مجموعة من مقاتليها بترحيل عدد من العوائل في قضاء الشرقاط[15]، وتم ترحيل اغلب العوائل في مخيمات داخل وخارج المحافظة، حيث رحلت بعضها الى مخيم الشهامة بالقرب من قاعدة سبايكر، والذي تأوي فية حوالى 400 عائلة مهجرة من اقارب داعش.
و في 5 اذار/مارس 2017 اصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، تقريرا عن ترحيل عوائل داعش من قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين حيث تضمن التقرير قيام قوات عراقية بتهجير 125 عائلة قسرا وأجبرت وتم احتجاز هذه العائلات في مخيّم يُستخدم كسجن في الهواء الطلق قرب تكريت، وبالاضافة الى قيام البعض من قوات الحشد الشعبي بتدمير منازل هذه العائلات[16].
اما في الأنباراصدرت السلطات قرارا يقضي بترحيل النازحين قسرياً والعدول عن قرار عدم إستقبالهم، وفي نيسان/ابريل 2017، كانت هناك عشرات العوائل النازحة من مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في أقضية القائم والرمادي والفلوجة مهددة بالترحيل القسري من قضاء هيت بمحافظة الأنبار (190 كم) غرب بغداد، حيث رصدت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان تهديدات بترحيل النازحين من الفلوجة والرمادي وعدم استقبال الذين ينزحون من مناطق غرب الانبار، وصدر أمر عسكري صادر من قيادة عمليات الجزيرة وموجه إلى المجالس المحلية في قضائي هيت وحديثة وناحيتي البغدادي وبروانة، "بمنع إستقبال العوائل النازحة من المناطق التي تخضع لسيطرة تنظيم "داعش".
واضافت مصادر محلية في قضاء هيت قالت للمرصد العراقي لحقوق الانسان إن "القرار يشمل جميع النازحين من الرمادي الفلوجة و مناطق غرب الانبار( عنه و راوه والقائم)، كما يشمل ترحيل عوائل داعش المتواجدين في قضاء هيت".
بعد الخروقات الأمنية التي حدثت في هيت إكتشفت السلطات تورط بعض النازحين بالتعاون مع التنظيم مما دفع الاستخبارات والقوات الامنية إلى رفض بقائهم.
ووفقا لشهادات نازحين من قضاء الرمادي والفلوجة، تحدثوا عن المضايقات التي يتعرضون لها من قبل السلطات ووعمليات الانتقام من بعض أهالي قضاء هيت، وهناك إتهامات اتجاههم بالإرهاب.
اما في محافظة كركوك، قامت قوات الاسايش بترحيل عشرات العوائل من كركوك نتيجة لرفضهم المشاركة في الاستفتاء على استقلال اقليم كوردستان، حيث مارست السلطات الأمنية التابعة لإقليم كوردستان العراق ضغوطاً كبيرة على العوائل النازحة إلى كركوك من أجل المشاركة في الإستفتاء، وسحب الأوراق الثبوتية من بعضها، وطالبت الأسايش من العوائل الرافضة للمشاركة في الإستفتاء، الخروج من المحافظة. ووفقاً لشهادات من المرحلين، فإن ضغوطاً كبيرة مورست ضدهم من قبل الأسايش للتصويت لصالح الإستفتاء أو مغادرة كركوك.
وبحسب شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان، فإن "أكثر من 250 عائلة خرجت خلال اليومين الماضيين من محافظة كركوك بعد رفضها المشاركة في الإستفتاء والخروج بتظاهرة مؤيدة لمحافظها نجم الدين كريم الذي صوت مجلس النواب العراقي في 14 سبتمبر على إقالته".
تواصل المرصد العراقي لحقوق الإنسان مع خمس عوائل نزحت بإتجاء قضاء العظيم التابع لمحافظة ديالى، التي تحدثت عن ضغوط مورست ضدهم من قبل قوات الأسايش لرفضهم المشاركة في إستفتاء إستقلال الإقليم الذي بدأ اليوم 25 سبتمبر من العام الحالي.
وقال رئيس مجلس قضاء المقدادية عدنان التميمي في تصريحات صحافية، إن "اكثر من 80 عائلة من القومية العربية أبعدت قسرياً من كركوك وصلت الى القضاء، وأن العوائل بالأساس تسكن كركوك منذ سنوات طويلة".
واضاف النائب عن محافظة ديالى رعد الماس خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "قضاء العظيم في المحافظة إستقبل أمس الأحد 24 سبتمبر، 250 عائلة رُحلت من كركوك لرفضها المشاركة في الإستفتاء".
واصدرت منظمة هيومن في ايار/مايو،تقريرا عن قيام القوات الأمنية في كركوك بترحيل النازحين التركمان، حيث قالت المنظمة "إن سلطات حكومة اقليم كوردستان في كركوك تُجبر التركمان السنة النازحين على مغادرة المدينة".
هذا وفي وقتا سابق اصدرت السلطات في كركوك قرارا بترحيل النازحين من كركوك، وصرح وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، جاسم محمد العطية، "ان إلغاء ترحيل النازحين من محافظة كركوك، في خطوة جاءت بعد انتقادات واسعة وجهت للمحافظة بسبب قرار ترحيل النازحين فيها مؤخرا، والذي وصف بالـ "التعسفي".[17]
وقامت قوات الاسايش الكردية بعمليات ترحيل وتضييق على بعض النازحين في كركوك، حيث اتهم رئيس لجنة المهجرين والمرحلين النيابية رعد الدهلكي قوات الاسايش باعتقال عدد من النازحين وقال الدهلكي في بيان له 3 اذار/مارس 2017، "قامت قوات الاسايش باعتقال شخص من كل اسرة مهجرة واخذ كافة مستمسكاتهم مع انهم دخلوا الى هذه المنطقة بطرق قانونية ولم تصدر منهم أية افعال مشينه تستدعي القيام بتلك التصرفات غير المسؤولة".
وفي محافظة نينوى، طالب سكان محافظة نينوى بعد استعادتها من داعش طالبوا بترحيل عوائل داعش الى خارج المحافظة، واصدر مجلس قضاء الموصل في 20حزيران/يونيو، قرارا بترحيل وعدم استقبال عوائل داعش في الموصل.
هذا وقد اعلن المتحدث باسم اللواء 30 للحشد الشعبي، سعد القدو،عن صدور الموافقة على ترحيل عوائل تنظيم داعش، على شكل دفعات من مخيمات سهل نينوى إلى مخيمات حمام العليل جنوب الموصل.
وكان النائب الشبكي عن كتلة بدر النيابية حنين القدو، دعا في الوقت نفسه بنقلهم وأيوائهم في مناطق صحراوية غرب الموصل بعيدا عن مراكز المدن لمنع عودة الخلايا والجيوب "الارهابية" الى مناطق نينوى مرة اخرى الى جانب المتابعة الامنية والاستخبارية الدقيقة لتلك العوائل حفاظا على الامن الاجتماعي ومكتسبات النصر في نينوى.
حقوق المراة
تعرضت العديد من النساء العراقيات إلى إنتهاكاتا فظيعة في عموم البلاد، حيث واجهن في المناطق سيطرة "داعش" معاناة نتيجه للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتهديدات بالقتل، وتعرضن الى أبشع صور الإهانة حيث اجبر البعض منهن للزواج من عناصرالتنظيم بالاضافة الى عمليات الخطف والاعدام في حال مخالفة اومر "داعش"، وعمليات سبي واغتصاب والمتاجرة بالنساء بالاخص النساء الإيزيديات في الموصل وسنجار.
ومن نتائج الانتهاكات بحق النساء الى جانب النزاعات في العراق، اصبح هناك ارتفاع في عدد الارامل والمطلقات، حيث اعلنت وزارة التخطيط العراقية مليون و938 الف ارملة ومطلقة، وان المسح لم يشمل محافظتي نينوى والانبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك.
حيث اعلن وزارة التخطيط ان عدد الارامل فقد وصل إلى 878 الفا و455 ارملة منهن 203 الاف ارملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفا و198 ارملة بعمر 50 سنة فما فوق، اما عدد المطلقات " بلغ 122 الفا 483 مطلقة ، منهن 105 الاف مطلقة تتراوح اعمارهن من 14 إلى 49 سنة فيما كان عدد المطلقات بعمر 50 سنة فما فوق 17 الف و432 مطلقة.[18]
هذا وقد سجل العراق ارتفاع بمعدلات العنف الاسري، وعلى الرغم من ذلك يستمر معه رفض البرلمان العراقي لمشروع قانون مناهضة العنف الأسري، والذي عرض على مجلس النواب وتمّ قراءته الاولى في منذ عام 2015، والمؤشرات تدل على إرتفاع معدلات العنف الاسري التي تواجه النساء في العراق، حيث ان واحدة من كل 5 نساء عراقيات تتعرض للعنف الأسري البدني، 36 % على الأقل من النساء المتزوجات أبلغن عن تعرضهن للعنف من الأزواج، و23 % تعرضن لإساءات لفظية، وأبلغت 6 % بالتعرض للعنف البدني، و9 % للعنف الجنسي.[19]
ومن جهة اخرى، هناك تحرّك لدى البرلمان العراقي لتعديل قوانين أخرى تخصّ المرأة والتي من شأنها أن تؤثرسلباً على حقوق النساء العراقيات، حيث طرح مقترح لتعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، وكان مقترح التعديل في قانون الأحوال الشخصية قد طرح في 23 مايو/ايار 2017، وتمّت القراءة الاولى لمقترح التعديل.
ومن خلال التعديلات المطروحة على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 إلى شرعنة إغتصاب القاصرات وزج المجتمع بمشاكل تنتجها التعديلات المقترحة.
حيث إن نص المادة (1) فقرة (ب) من مقترح التعديل تمنح رجال الدين في الأوقاف الدينية سلطة مطلقة وهذه دعوة واضحة لإضعاف (مبدأ إستقلال القضاء) وعند التطبيق سنجده يتجاوز السلطة القضائية.
وإن القانون الجديد يحوّل جريمة الزواج خارج المحكمة إلى فعل مباح حسب تعديل نص المادة (10) فقرة (5) والتي تنص على أن (يجوز إبرام عقد الزواج لأتباع المذهبين (الشيعي والسني) كل وفقاً لمذهبه، من قبل من يجيز فقهاء ذلك المذهب إبرامه للعقد بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وإنتفاء الموانع في الزوجين، على أن يجري تصديق العقد لدى محكمة الأحوال الشخصية خلال فترة لا تزيد على (60) ستين يوماً من تاريخ إبرامه.
اضافة الى أن التعديل في المادة العاشرة يسمح لزواج القاصرات بعمر ال9 سنوات ويسمح للزوج بتعدد الزوجات بدون إذن الزوجة ويسمح لهُ اخذ الرضيع بعمر السنتين من امهِ ويجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها، وهذه التعديلات بمثابة نكسة لمكتسبات المرأة العراقية التي حصلت عليها قبل نصف قرن بفاتورات سجن وإعتقال وفصل من الوظيفة.
وقالت عضو اللجنة القانونية النيابية فرح السراج إن "قانون الأحوال الشخصية المصوت عليه من حيث المبدأ في مجلس النواب سيكرس القوانين التي جاء بها داعش، ويخالف قوانين حقوق الإنسان العالمية".
وأضافت أن "الاستمرار بخطوات تشريع هذا القانون يعتبر مخالف للقوانين الدولية التي تحفظ حقوق الانسان وخاصة صغار السن، وللأسف تُحاول بعض الأطراف السياسية تمرير هذا القانون للتناغم من جماهيرها من المتعصبين دينياً للحصول على أصواتهم في الإنتخابات".
وقالت عضو لجنة المرأة والأسرة النيابية، انتصار الجبوري "إن هذا التعديل انتكاسة لحقوق المرأة ويعمل على تفكيك الأسرة وتكريس الطائفية حتى داخل الأسرة".
وكما إن هذه التعديلات المقترحة تتعارض مع الدستور العراقي في مادته 2 أولاً (ج) التي تنص على أنهُ لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور العراقي، وإنها لا تتوافق مع إتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989.
وفي 9 تشرين اثاني/سبتمبر،أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بياناً بشأن مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وحث الممثل الخاص للأمين العام في العراق يان كوبيش، "مجلس النواب لانتهاز فرصة عملية تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي انتقدته مراراً الهيئات المنشأة بموجب معاهدات الأمم المتحدة ، من أجل إجراء مشاورات واسعة النطاق حول مسودة التعديلات في جو من المشاركة من أجل تأكيد الالتزام بحقوق النساء والفتيات في العراق وضمان الاحترام الكامل لهذه الحقوق وحمايتها وتحقيقها فيما يخص المسائل المتعلقة بالزواج والقضايا الأخرى".[20]
وبما إن العراق، طرفا في إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والمعاهدات الدولية الأخرى، يتعين على السلطات العراقية حماية المرأة وضمان حقوقها وتقديم الدعم الكامل لها.
حقوق الاطفال
يواجه الأطفال في العراق الخطف والتجنيد والاعتداء الجسدي والجنسي، وان هناك معدلات تؤكد على ارتفاع عمالة الاطفال، الى جانب معاناتهم جراء سواء الخدمات الصحية والتعليمية في البلاد.
ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف، أن أكثر من 5 ملايين طفل في العراق بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة[21]، حيث قال ممثل اليونيسف في العراق، بيتر هوكينز، "في جميع أنحاء العراق، لا يزال الأطفال يشهدون رعباً هائلاً وعنفاً لا يمكن وصفه. فقد تم قتلهم، وإصابتهم، واختطافهم وارغامهم على استخدام السلاح والقتل في واحدة من أكثر الحروب ضراوةً في التاريخ الحديث"[22].
و شهد عام 2017 ارتفاع معدلات العنف اتجاه الاطفال، حيث وثق المرصد العراقي تعرض ان الأطفال الى إعتداءات متكررة، من ذويهم أو من بعض العناصر الأمنية أو من جماعات أخرى، فظاهرة تعرضهم للتعذيب تفاقمت في السنوات الاخيرة في ظل غياب قوانين تردع المخالفين.
وثق المرصد في 4 آيار/مايو 2017، وفاة الطفل (حسين مازن) الذي يبلغ من العمر 17 عاماً بعد أن إعتقلته الشرطة المحلية في محافظة كربلاء وتعرضه للتعذيب على يد أحد عناصرها. بررت شرطة كربلاء عملية الإعتقال بأن الطفل كان "يتسكع" في منتصف الليل.
حيث اجرى المرصد العراقي مقابلة مع عم الطفل وقال "أعتقل حسين مع 3 من أصدقائه من قبل قوات شرطة تابعة لمديرية مكافحة ناحية الهندية بقضاء طويريج لعدم حملهم البطاقة الشخصية".
وأضاف "في مبنى مركز شرطة الهندية تعرض إبن أخي (حسين مازن) للتعذيب حيث قام ضابط برتبه ملازم بضربه حتى فقد وعيه وعلى إثرها قاموا بنقله الى المستشفى، الا أنه فارق الحياة قبل وصوله اليها".
وتابع عم الطفل المتوفي قوله "عند وصولنا الى المشفى شاهدنا أثر وجود ضربة على رأسه، وآثار تشريح الجثة، على الرغم من عدم علمنا بما تعرض له حسين".
وقالت إدارة مستشفى الهندية في بيان صحفي إن "الطفل (حسين مازن ناصر) تم جلبه من قبل مكتب الجرائم في محافظة كربلاء إلى طوارئ مستشفى الهندية مساء يوم الأربعاء الماضي متوفياً".
اما علي مازن ناصر شقيق الطفل المتوفي قال إن "شقيقه حسين مازن ناصر من مواليد 2000 من سكنة محافظة الديوانية ويعمل في كربلاء منذ 15 يوماً توجه الى قضاء الهندية تلبية لدعوة من صديقه، وأن دورية شرطة أوقفته بالطريق وهو بصحبة أصدقائه، وطلبت منه هوية الأحوال المدنية التي لم يكن يحملها، وإقتادوه الى مركز شرطة في الهندية".
أضاف أن "الشرطة إرتبكت مخالفتين قانونيتين بحق شقيقه المتوفي، الأولى تحويله الى قسم الجرائم وهو مازال حدثاً، والمخالفة الثانية قيام ضابط برتبة ملازم بتعذيبه وضربه، ما تسبب بمفارقته للحياة".
وعلى إثر هذه الحادثة ولحين إكتمال التحقيقات فيها، أمر وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي بحجز القوة التي إعتقلت الطفل المتوفي مع أصدقائه.
وفي شهر نيسان/ابريل من 2017، وثق المرصد العراقي لحقوق الانسان، حدوث عدد من حالات العنف الأسري تجاه الاطفال على أيدي ذويهم لأسباب مجهولة، في كل من البصرة وبغداد والنجف وكركوك والديوانية.
قال ناشطون من محافظة البصرة "تعرضت طفلة للتعذيب والضرب المبرح على يد والدها، حيث كان أب الطفلة والتي تبلغ من العمر 9 أشهر، يتعاطى مادة الكريستال المخدرة ليبدأ بعد ذلك بتعذيب إبنته".
أضافوا "هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الطفلة للتعذيب على يد والدها، إلا انها كانت المرة الأخيرة، حيث لم تتحمل الطفلة تعرضها للتعذيب ففارقت الحياة".
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه ما تعرضت له الطفلة على يد والدها.
وفي 17 نيسان/ابريل 2017، قام والد الطفلين (بنين وعلي) مع شقيقه، بتعليقهما في مروحة السقف وضربهما، وانتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيه أب وأخيه في بغداد، وهم يعذبون أطفالا من خلال ضربهم بشكل قاس وتعليقهم بحبل مربوط في سقف الغرفة، معللين ذلك التعذيب بأنه "لمنعهم من التصرف بشكل غير لائق".
وفي 14تشرين الثاني/نوفمبر ظهر مقطع فيديو اخر يدل على آثار تعذيب طفل يبلغ من العمر 8 سنوات.
اما في محافظة النجف فإنتشرت صور على الفيس بوك توضح آثار التعذيب التي تعرضت لهما الطفلتين (زهراء وغدير) على ايدي والدهما.
قال شهود عيان للمرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "زهراء عمرها 4 أعوام وغدير تكبرها بعامين، وتسكنان في محافظة النجف، حيث كان والدهما يعاقبهما بالحبس والضرب بوحشية بعد تقييد أمهما".
أضافوا "في آخر حالة تعذيب وضرب مبرح تعرضتا لها، تسببت بكسر الفخذ الايمن للطفلة (زهراء)، بالاضافة الى رضوض عديدة وآثار العض الواضح على جسدهما".
وفي محافظة كركوك تظهر صور تعرض الطفل (علي) الذي يبلغ من العمر 10 أعوام للتعذيب والضرب بوحشية من قبل والده وأخية الاكبر، عقاباً له على "تأخره في العودة الى المنزل".
أما في محافظة الديوانية، فرصدت شبكة الرصد في المرصد العراقي لحقوق الإنسان تعرض الطفلة (دانيا) وعمرها 3 أعوام للتعذيب والحرق من قبل جدتها التي كانت تستخدمها لغرض التسول.
وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر، قامت امرأة من الديوانية بقتل ابنتها والتي تبلغ 11 عام، بعد ان ربطت يديها وضربها وتعذيبها حتى فارقت الحياة.
وتتزايد المخاوف من إتساع ظاهرة تعنيف الأطفال في ظل وجود نص قانوني في قانون العقوبات العراق رقم 111 لعام 1969 والذي يبيح ضرب الزوجة والابناء، حيث نصت المادة 41 منه "لا جريمة اذا وقع الفعل إستعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق (1) تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الاولاد القصر في حدود ماهو مقرر شرعا او قانونا او عرفا "، ويتزامن ذلك مع تأخر البرلمان العراقي تشريع قانون العنف الاسري.
اما معاناة الاطفال جراء النزاعات فهي مستمرة، ففي مدينة الموصل وثق المرصد العراقي ، عمليات احتجاز لاطفال من تنظيم داعش في الساحل الايمن من الموصل، حيث يحتجز 300 طفل في مناطق الصحة وحي التنك والرفاعي بحُجة أنهم يشكلون خطراً على عناصر التنظيم، ويستخدمهم كدروع بشرية.
ووفقا لليونسيف، "منذ عام 2014، قتل 1075 طفلا، أي أكثر من 150 طفلا في الأشهر الستة الأولى من هذا العام وحده. وتشوه أكثر من 1100 طفل وجرحوا. وقالت اليونيسف أيضا إن ما يقرب من خمسة آلاف طفل قد انفصلوا عن أسرهم".[23]
ناشطون من حي الصحة بمدينة الموصل، قالوا إن "هناك فرقاً جوالة من خمسة إلى سبعة عناصر تابعين للتنظيم تتجول بين أحياء المناطق السكنية للبحث عن أطفال كانوا قد حصلوا على دروس شرعية مع التنظيم في وقت سابق".
الناشطون أبلغوا المرصد بأن "تنظيم داعش إحتجز 17 طفلاً يوم 29 آذار/مارس الحالي في حي الصحة وأبلغ ذويهم بأن هؤلاء هم جند الخلافة وعليهم واجبات أن يؤدوها عبر التواجد مع المقاتلين لمساعدتهم في حمل السلاح أو تجهيز العتاد لهم".
الناشطون الذين تحدثوا عن أعمار الأطفال الـ17 الذين إحتجزهم التنظيم والتي تتراوح بين 11 - 17 عاماٍ"، قالوا إن "هناك 10 أطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة قد وضعوا على مناطق قريبة من خط التماس ليتعرضوا لإطلاق النار أو ربما يُفخخون".
مصادر طبية وإغاثية على تواصل مع سكان الساحل الأيمن، قالوا إن "أعداد الأطفال الذين إحتجزهم التنظيم منذ بدء معركة تحرير الساحل الأيمن في 19 شباط/فبراير الماضي وحتى الثلاثين من آذار/مارس 2017، بلغ 300 طفل، وذويهم لا يعرفون شيء عنهم ولا يستطيعون مطالبة التنظيم بهم".
وفي حزيران/يونيو 2017، اعلنت اليونسيف عن وجود تقارير حول تعرض الأطفال للخطر في غرب الموصل للقتل، وقالت"حياة الأطفال معرضة للخطر. يقتل الأطفال، ويتعرّضون للإصابات، ويستخدمون كدروع بشرية. يختبر الأطفال ويشهدون عنفاً فظيعاً لا يجدر بإنسان أن يشهده، وقد أجبروا في بعض الحالات على المشاركة في القتال والعنف".[24]
وفي 20 تموز/يونيو، في مدينة الموصل حاول طفل يدعى توماس عبد الله البالغ 11 عاما، حاول القيام بعملية انتحارية ضد القوات العراقية، حيث كان التنظيم يُحضر الطفل لتنفيذ عملية انتحارية بالموصل، لكنه لم يستطع تنفيذ العملية نتيجة لقصف المنزل الذي كان متواجداً فيه من قبل الطيران الحربي.
كما اعلنت منظمة هيومن رايس ووتش، عن وجود حالات تجنيد للاطفال من قبل الجماعات المسلحة في العراق، حيث قالت انها وثقت "29 حالة جندت فيها مجموعات مسلحة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني أطفالا في سنجار وفي إقليم كردستان العراق، رغم تعهد قادة الجماعة بإنهاء هذه الممارسة".[25]
بالاضافة الى العنف وتجنيد الاطفال، هناك استغلال وإضطهاد يُمارس ضد الاطفال الذين أُجبروا قسرياً للعمل في الأسواق بسبب ظروف عوائلهم المادية الصعبة.
على سبيل المثال، وثق المرصد العراقي لحقوق الانسان في 29 حزيران/يونيو 2017 عن وجود عمالة الاطفال النازحين في محافظة كركوك، وإن هناك المئات من الاطفال يعملون في الاسواق المحلية بسبب الظروف المعيشية الصعبة للعوائل النازحة، حيث يستخدم الاطفال في حمل البضائع ونقلها و بيع أكياس النايلون من أبرز الأعمال التي يلجأ إليها الاطفال نظرًا لسهولة الحصول عليها وقلة سعرها الذي يُساعدهم على بيعها بشكل سريع.
حيث قالت جوان حسن عارف وهي رئيسة لجنة حقوق الانسان وشؤون المرأة والطفل في مجلس محافظة كركوك خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "الزخم العددي للعوائل النازحة وبسبب غياب الدعم والتمويل الحكومي ساهم في تفاقم الاوضاع المعيشية للعوائل وهو المسبب الرئيسي الذي دفع بسيطرة ظاهرة عمالة اطفال النازحين وعزوف نسبة كبيرة منهم عن الدراسة".
أضافت "تردنا حالات كثيرة وبشكل مستمرة حول اعتداءات لفظية وجسدية على الاطفال العاملين في الأسواق والمحلات من قبل التجار احيانا وعناصر الامن في أحيان أخرى".
أكدت عارف معلومات المرصد العراقي لحقوق الإنسان حول وجود عمالة داخل المخيمات وقالت إن "ظاهرة عمالة الأطفال في المخيمات تتفاقم، حيث ينقل هؤلاء الأطفال البضائع والمواد التي تتطلب جهداً جسدياً لمن هم أكبر من أعمارهم لكنهم أجبروا على ذلك".
وقالت سجى كيلان وهي ناشطة في مجال حقوق الطفل من مدينة كركوك إن "ظاهرة عمالة الأطفال تفاقمت ضمن صفوف النازحين والسبب يكمن في عدم تمكن الاسر من توفير مصروف يومي لقوتها مما يدفعها إلى الزج بأطفالها للعمل في سوق العمل".
واضافت أيضاً "تشهد الاسواق المحلية وسط كركوك وجود المئات من الاطفال النازحين الذين يعملون كحمالين للمواد والبضائع ويمكن لكل من يتسوق ان يراهم وهم يجرون عربات ثقيلة اكبر منهم ويتحملون كلام الناس ومضايقات عناصر الشرطة في سبيل رزقهم اليومي".
اضافة الى ذلك، يعاني الاطفال في العراق من سواء الواقع التعليمي الذي يهدد مستقبلهم وأن أكثر من 3 ملايين طفل لا يرتادون المدارس، و 1,2 مليون طفل هم خارج المدرسة، وأن واحداً من بين كل خمسة أطفال فقراء قد تسرب من التعليم قبل إتمام الدراسة الابتدائية وذلك لأسباب اقتصادية.[26]
قالت اليونسيف في دراسة لها عن "كلفة ومنافع التعليم في العراق" وبالتعاون مع وزارة التربية العراقية، "إن شحة الاستثمار والموارد في التعليم تهدد مستقبل ملايين الأطفال العراقيين، حيث يفتقر 3,5 مليون طفل عراقي في سن الدراسة إلى التعليم، مما يعني أنهم يصبحون أكثر عرضةً للزواج المبكر وعمالة الأطفال والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة"، "وان نصف الأبنية المدرسية في العراق بحاجة الى إصلاحات عاجلة".[27]
ونحو نصف الأطفال النازحين في العراق هم خارج المدرسة، أما الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تضررت بشدة جراء أعمال العنف في العراق، فأكثر من 90% منهم لا يرتادون المدرسة.[28]
ومع بدأ العام الدارسي في اكتوبر 2017 فأن وضع المدارس في عموم العراق في وضع يرثى لها وان مستوى التعليم قد تدهور.
وفي محافظة ذي قار، قال رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة، شهيد الغالبي "ذي قار تعاني من خلل كبير من ناحية الابنية، وهناك أكثر من 100 مدرسة طينية ما زالت الى حدّ الآن وهناك أكثر من 400 مشروع بناية مدرسية متوقف لحدّ الآن".[29]
وفي محافظة البصرة أعلنت النائبة عواطف نعمة عن محافظة البصرة، تلقيها شكاوى عديدة بشأن الوضع "البائس" في إحدى المدارس بالمحافظة، وقالت أن "عدد التلاميذ كبير جداً قد يصل إلى 80 تلميذاً في الصف الواحد، والكثير منهم يفترشون الأرض بسبب نقص الرحلات"[30].
اما في محافظة صلاح الدين صرح عضو مجلس محافظة صلاح الدين، عبد سلطان أن "المديرية العامة لتربية صلاح الدين تعاني من النقص الحاد في الكوادر التربوية، إضافة إلى نقص كبير في الأبنية المدرسية بسبب تعرض الكثير منها للدمار" نتيجة العمليات الحربية التي شهدتها المحافظة".
الخاتمة والتوصيات
المقدمة
الخاتمة (الاطار القانوني لهذه الانتهاكات)
التوصيات
1- انتهاكات داعش
2- الانتهاكات العسكرية ( القصف،الاضربات الجوية،الاعتقالات، القتل)
3- حقوق المرأة ( جرائم الشرف، مشروع قانون العنف الاسري، تعديل قانون الاحوال الشخصية)
4- حقوق الطفل ( التعليم،عمالة الاطفال،التجنيد، معدلات العنف)
عمالة الاطفال : ما تزال الطفولة تعاني من مشكلة العمالة المبكرة في شوارع والاسواق المحلية المنتشرة في المدن العراقية، وشهدت مناطق النزوح والمناطق التي تشهد عمليات عسكرية واوضاع امنية غير مستقرة ارتفاع ملحوظ في نسب لجوء الاطفال والتلاميذ إلى العمالة وذلك لضمان قوت يومي لإعالة انفسهم وعوائهم، وشهدت هذه الحالات الكثير من الانتهاكات لمواد اتفاقية حماية الطفولة والمواثيق الدولية المعنية بالعمل والطفولة بعد انتشار ظاهرة الاستغلال الجنسي والجسدي للاطفال في الاسواق.
وكشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان عن تفاقم ظاهرة عمالة الاطفال بصورة مستمرة وإن على مجلس النواب العراقي الإسراع بإقرار قانون حقوق الطفل الذي يضمن عدم استغلال الاطفال في العنف والعمالة وقضايا الإتجار بالبشر، وأن لا يبقى القانون على رفوف مجلس شورى الدولة دون مبرر لذلك.
قال المرصد في تقريره الذي صدر في 29 حزيران/يونيو 2017 عن عمالة الاطفال النازحين في محافظة كركوك إن "هناك المئات من الاطفال يعملون في الاسواق المحلية بسبب الظروف المعيشية الصعبة للعوائل النازحة".
ويكشف المرصد في تقريره عن استغلال وعنف وإضطهاد يُمارس ضد الاطفال الذين أُجبروا قسرياً للعمل في الأسواق بسبب ظروف عوائلهم المادية الصعبة.
قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "حمل البضائع ونقلها و بيع أكياس النايلون من أبرز الأعمال التي يلجأ إليها الاطفال نظرًا لسهولة الحصول عليها وقلة سعرها الذي يُساعدهم على بيعها بشكل سريع".
بسبب عدم توفر مصدر دخل ثابت ومستمر للعوائل النازحة وبسبب قيود الحركة والتنقل ادى ذلك إلى ان يصبح ابناء الكثير من العوائل النازحة ضحايا الوضع الراهن والابتعاد عن اكمال التعليم والتوجه إلى العمل في الاسواق رغم القيود الامنية واستغلال اصحاب المحال التجارية،
تنص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، 1.لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة والمادة 8 تنص على لا يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي.
اما المبدأ 23 من المبادئ التوجيهية فينص على "لكل إنسان الحق في التعليم"، لإعمال هذا الحق في حالة المشردين داخلياً، تكفل السلطات المعنية التعليم لهؤلاء الأشخاص، وبخاصة الأطفال المشردين، وأن يكون التعليم بالمجان وإلزامياً في المستوى الابتدائي. ويجب أن يحترم التعليم الهوية الثقافية لهؤلاء الأشخاص وكذلك لغتهم ودينهم.
وتبذل جهود خاصة لضمان مشاركة النساء والفتيات، مشاركة كاملة وعلى قدم المساواة، في البرامج التعليمية.
وتوفَّر المرافق التعليمية والتدريبية للمشردين داخلياً، وبخاصة صغار السن والنساء، سواء كانوا يعيشون في مخيمات أم لا، حالما تسمح الظروف بذلك.
5- عقوبة الاعدام
6- حقوق النازحين (في اماكن نزوحهم، حرية التنقل، منع عودتهم، اعادة اعمار مناطقهم)
حرية التنقل : شهدت المحافظات العراقية التي تشهد استقبال النازحين من المدن المناطق الساخنة إجراءات صارمة بحق سكان مخيمات النزوح بسبب فرض قيود على حرية التنقل.
ويكشف المرصد عن تبني السلطات المحلية القائمة على إدارة المخيمات في بعض المحافظات العراقية إجراءات قاسية وصارمة تجاه موضوع التنقل والخروج والحركة من وإلى المخيم، والمرصد وثق العديد من حالات حول منع النازحين من الخروج من المخيمات لغرض إتمام اعمالهم واحتياجتهم.
ذكر المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخليًا تشالوكا بياني في تقريره عن زيارته إلى العراق للفترة من 9 إلى 15 آيار/مايو 2015 التحديات الحرجة في المجال الإنساني وأمام حقوق الإنسان منها الامن وحرية التنقل وكشف عن تلقيه تقارير مزعجة عن مواجهة المشردين دالخيا قيوداً على تحركاتهم مشيرًا إلى تعرضهم لانتهاك المعايير الدولية ودستور العراق المادتان 24 و44، وشدد المقرر على ان لجميع المشردين داخليًا الحق في حرية التنقل، ويجب ان يكون فرض أية قيود على حرية التنقل مبررًا ومؤقتًا ومحددًا في قانون وغير تمييزي، وقدم المقرر في توصياته بانه يحق للمشردين داخليًا التنقل بحرية والتماس الامان.
وتؤكد المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي في المبدأ 12 أن لكل إنسان الحق في الحرية والأمن الشخصي. ولا يجوز القبض على أحد أو احتجازه تعسفاً.
ولإعمال هذا الحق في حالة المشردين داخلياً، لا يجوز حبس هؤلاء الأشخاص في مخيم أو حجزهم فيه، وإذا ما تبين في ظروف استثنائية وجود ضرورة قصوى لهذا الحبس أو الحجز، لا يجوز أن تطول المدة عما تقتضيه الظروف.
وتؤكد أيضا في المبدأ 14 على لكل مشرد داخلياً الحق في التنقل الحر وفي اختيار محل إقامته، ومن حق المشردين داخلياً، بوجه خاص، الدخول إلى المخيمات أو المستوطنات الأخرى والخروج منها دون قيود.
يذكر أن هذه المبادئ مستوحاة من القانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتتفق معهما. وترمي المبادئ إلى إرشادسائر السلطات والجماعات والأشخاص في علاقاتهم مع المشردين داخلياً.
وتنص المادة المادة من 12العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1- لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته) .
منع عودتهم : كما وهناك حالة منع عودة لابناء بعض المناطق المحررة في محافظة صلاح الدين وقضاءطوزخروماتو تحديدًا رغم ان مناطقهم تحررت منذ عامان لأسباب سياسية وطائفية ولا عجزت الحكومة حتى هذه اللحظة من معالجتها، وتعيش عوائل تلك المناطق حالات انسانية صعبة كونها لا تزال تنتظر مصيرها وبيان موقف الحكومة والمعنيين في هذا الملف.
7- حرية التعبير وحق التجمع السلمي (الصحفيين، القوانيين التي تستهدف حرية التعبير وحق التجمع السلمي)
8- حقوق الاقليات
حقوق الاقليات : لا تزال الاقليات العرقية والدينية تعاني من التهميشوالإقصاء على مستوى المشاركة في الحكم المحلي وعلى مستوى إدارة مناطقها بنفسها، كما ان المحاصصة السياسية في العراق وضعت الاقليات في ركن النسيان في اغلب المشاريع الحكومية وهو ما انعكس سلبًا على ابناء الاقليات وعدم القدرة من اعمار مناطقها وغياب التوازن في العديد من الخدمات المقدمة لهم من قبل الدولة، رغم ان الاقليات هي الاكثر تضررًا وتعرضأ لانتهاكات على يد تنظيم داعش الإرهابي وهي التي فقدت مناطقها واراضيها.
9- الترحيل القسري
الترحيل القسري : وثقت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في تقارير لها حملات مداهمة وهدم وسلب ونهب للقرى والمناطق المدنية في جنوب كركوك، والمرصد تواصل مع ضحايا هذه الممارسات ووثق ماتعرضوا إليه.
وشهدت كركوك هذه الاحداث بعد هجوم عناصر تنظيم داعش الإرهابي في يوم 21 اكتوبر/تشرين الاول 2016 حينما اقدم التنظيم على مهاجمة مركز المدينة مستهدفا مبانِ ومنشآت حكومية ومدنية اسفر عن حالة ذعر في المدينة وسقوط ضحايا وجرحى واضرار مادية جسيمة، وفور بدء تحقيقات باسباب هذا الخرق الامني بدأت القوات من الامن والبيشمركة الكردية والشرطة المحلية تنفذ حملات اعتقال واسعة ومداهمات للمنازل والقرى، بالإضافة إلى مداهمة وهدم قرى قوتان وقوش قايا على طريق قضاء دبس القريبة من المناطق النفطية، وقرية قره تبه القريبة من مطار كركوك، ووثق المرصد ايضا تعرض نجلي مختار قرية قوتان إلى عملية اغتيال اثناء تواجهما في ارض زراعية بالقرب من القرية في ديسمبر 2016.
وعملية التهجير القسري الذي يعرّفها القانون الدولي الإنساني بأنها “الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها” وهي ممارسة مرتبطة بالتطهير وإجراء تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة وأحيانا ضد مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراضٍ معينة لنخبة بديلة أو فئة معينة، وتعتبر المواد (2)، (7)، (8) من نظام روما الأساسي، التهجير القسري جريمة حرب .
وتعرّف اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949 والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977 جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة إذا تعلق الأمر بالتهجير القسري، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.
كما أن المادة (7/1 د) من نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، تجرم عمليات الترحيل أو النقل القسري، حيث تنص على أن “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، يشكل جريمة ضد الإنسانية”. وبموجب المواد 2 و7 و8 من نظام روما الأساسي، فإن “الإبعاد أو النقل غير المشروعين” يشكلان جريمة حرب،
وتعتبر القاعدة 129 ، و130 في القانون الدولي الإنساني العرفي والتي تتعلق بحظر نقل السكان من مناطقهم من القواعد التي تحظر عمليات ترحيل السكان.
10- الحق في الصحة
11- الاختفاء القسري : شهدت بعض المناطق حملات اعتقالات لافراد ناشطين او فاعلين في المجتمع واقتيادهم إلى جهات مجهولة حتى هذه اللحظة فتحديدًا في محافظة كركوك بعد عمليات فرض الامن التي تحققت في 16 تشرين الاول 2017 تظاهرت العشرات من عوائل ابناء المكون العربي والتركماني مطالبة بالكشف عن مصير ابنائها المختطفة او معتقلة لدى قوات الامن الكردية التابعة للأحزاب الكردية الحاكمة لمحافظة كركوك قبل يوم 16 تشرين الاول.
مطالبات بتشريع قوانين لحماية الأقليات...
المرصد العراقي لحقوق الانسان يدعو إلى ضمان عودة الاقليات إلى مناطقها المحررة
يتعرض أبناء المكونات الأقلية في العراق إلى الكثير من الانتهاكات بمختلف صورها وتعاني أبناء المناطق الأقلية من اهمال حكومي شديد من جهة، وتعرضها إلى هدم وتدمير في بنيتها التحتية اثناء سيطرة داعش من جهة أخرى، المرصد العراقي لحقوق الانسان يواصل توثيق الانتهاكات وتقصي اثارها على مجتمع الأقليات.
الانتهاكات التي تعرضت لها الاقليات
الدكتور صلاح عريبي، اكاديمي في جامعة كركوك ورئيس المعهد الوطني لحقوق الانسان يتحدث عن الانتهاكات قائًلا"لاشك ان ما حدث للاقليات بعد احتلال داعش لبعض المحافظات العراقية عام 2014 هو اخطر ما مروا به على مر التاريخ فقد انتهكت حقوقهم بشكل صارخ من خلال عملية ممنهجة تضمنت القتل والتهجير والاغتصاب ففيما يتعلق بالمسيحين فقد اجبروا على ترك كل ما يمتلكون وخرجوا بارواحهم ليعشوا في ظروف النزوح الصعبة ، وكل ما يرتبط بها من إهانة واذلال ، وأصبحت اليوم بيوتهم وكنائسهم اثر بعد عين ، اما الايزيدية فقد كان لهم النصيب الأكبر من الانتهاك فقد سبيت نسائهم بطريقة يندى لها جبين الإنسانية وقتل شبابهم ودمرت معابدهم واصبحوا مشردين مهانين في بلادهم.
ويقول ادي نعوم – موظف ومهتم بقضايا حقوق الانسان " الانتهاكات التي تعرضت لها الأقليات في العراق لم تكن وليدة يوم ظهور داعش على الساحة العراقية بل انها جائت نتيجة سلسلة من الانتهاكات التي تعرضة لها الاقليات ( بالرغم ان اطلاق تسمية الأقليات شعوب الاصيلة في المنطقة هو مصطلح غير مرغوب فيه ولاسباب متعددة ) ، لعلى اهم الانتهاكات تتعلق بتهجيرهم من مناطق سكناهم وتجريدهم من ما يمتلكونه في ليلة وضحاها ، او اجبارهم على تغير وترك ممارسة العقائد الاثنية التي تخالف الشرائع التي يؤمن بها داعش او غيرها بها بالرغم كون هؤلاء يمارسون طقوسهم وطرق عبادتهم التي توارثوها منذ قرون عدة .
حالة الايمان بالعقيدة الدينية وبغض النظر عن مسمياتها لا تأتي بالاكراه " لا اكراه في الدين " . والاختلافات الموجودة في بني البشر او في الاجناس البشرية ليست من صنع الانسان نفسه ، الخالق وحده هو من اوجد هذه الاختلافات لدى البشر " يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ". اذن محاولة فرض الهيمنة والسلطة من قبل مجموعة على اخرى بغية الوصول الى اهداف معينة وباتباع اساليب قسرية وغير انسانية هي واحدة من الانتهاكات التي تعرف اليوم بعدم احترام وقبول حقوق الاخر وهذا الشخص هو الذي كان يشاطرني في الارض والمصير ذاته.
ويرى نصر حاج خدر – اعلامي من بعشيقة " كان من أبشع الجرائم التي ارتكبت هي اختطاف اكثر من 5000 امرأة وفتاة وطفل وشيخ ايزيدي من جبل سنجار وبيع الفتيات والنساء في سوق النخاسة لغرض استخدام في الاستعباد الجنسي. ناهيك عنقتل الرجال وجرف المزارات الدينية الايزيدية وتفجير وهدم المنازل وسرقة المعامل والمصانع التابعة للاقلية الدينية الايزيدية
وتضيف " رحمة الشكاكي ناشطة من سهل نينوى " ان حجم الانتهاكات كثيرة جداً ومتوحشة بحق الاقليات في العراق مابعد 2014 حيث ان الدمار في سهل نينوى قد بلغ حدهُ من حرق وتفجير البيوت والدوائر والكنائس والمراقد والجوامع والقابر المبعثرة وسبي النساء الايزيديات
ويؤيدها هديل الرافدين – اعلامية قائلة" تعرض الأقليات في العراق منذ 2014 الى ابشع جرائم ممكن ان ترتكب بحق الانسان على يد مجموعة إرهابية تدعى داعش ,من ابرز تلك الجرائم خطف وسبي الالف من الايزيدية واغلبهم من النساء والأطفال ومن جانب اخر قتل الالف من الايزيدية اغلبهم من الرجال ودفن عوائل كاملة من أطفال ونساء وكبار السن والرجال بمقابر جماعية في سنجار ,وأيضا تهجير القسري للمسيحيين من الموصل واصدار جميع ممتلكاتهم بالإضافة الى تهجير الشبك والشيعة المسلمين عند مهاجمة داعش محافظة نينوى".
ويقول هيمن فرج محامي من سنجار " الانتهاكات واضحة و معروفة قتل ، تهجير ، سبي ، الاغتصاب ، تغير الدين عنوتا ، فصل الاطفال عن الاهل ، فصل الجنس"
ويوضح الأب ألبير هشام نعوم كاهن في الكنيسة الكلدانية / بغداد "تعرضت الأقليات لمختلف الانتهاكات، إذ تعرض بعضهم لانتهاكات جسدية إذ تعرضت كرامتهم للانتهاك وهي أسمى ما يملك الإنسان، كما تعرضوا إلى انتهاك حقوقهم الأساسية، إذ سُلِبت منهم بيوتهم ودور عبادتهم وتهجروا في يوم وليلة عن قراهم ومدنهم، وخسروا أعمالهم وممتلكاتهم وصار عليهم أن يبدأوا من الصفر".
الانتهاكات سببت شرخًا في التعايش
يقول الأب ألبير "أعتقد أنه صار هناك نوع من التخوف في عملية التعايش، إذ فُقِدت الثقة بين أبنائنا، وصار الكل يشكّ في الكلّ. وهذه هي الثقافة التي زُرِعت بعد سيطرة داعش، والتي لابدّ أن تُحارب بكل الطرق".
ويقول نصر حاج خدر "برزت الطائفية بكل أشكالها ووصلت لحد بروز ظاهرة الانتقام وتشكيل المجاميع المسلحة للدفاع عن الارض والعرض. واستغلال هذه الثغرات من بعض الأطراف السياسية لتعميق الشرخ والانشقاق"
هديل الرافدين هي الأخرى تؤكد بان"هذه الانتهاكات بطريقة سلبية على روح المواطن واهمها فقدان الثقة بين أبناء المنطقة ,لا يوجد شيء اسمه أقليات تحت سيطرة داعش ,داعش جاءت للتقتل وتهجر وتسبي وتفرق بين أبناء الوطن الواحد"
ويوضح ادي نعوم "ان تجرد مناطق شاسعة من سكناها الاصلاء وتقوم باستيطان اخرين في المنطقة وتعريض شعوب الى حالة من التهجير القسري هو حتما سيولد رد فعل معاكس تجاه الاخر ، جمال مجتمعنا هو بتعدد اطيافه وقومياته وان انتزعنا هذا الجمال او الوان الطيف الرباني ان صح التعبير فكيف يمكن لنا العيش في مجتمع منطوي معزول متخلف لايؤمن الا بأيدلوجية واحدة في الوجود ، والانسان معروف منذ الازل بكونه مخلوق اجتماعي وخلق للعيش وفقا لمعاير التعايش والسلمي الاخوي . طبيعة الانتهاكات وما رافقه من ماسي ستتواصل بالظهور والاستبداد بارض وما عليها من محرمات وربما بمسميات مختلفة ما لم يتم معالجته هذا الامر وازالة اثاره من المجتمع"
ويوضح د صلاح عريبي " لاشك ان الانتهاكات التي ارتكبها داعش مزقت وشوهة كل أوجه التعايش المشترك وانا واثق ان عملية البناء تحتاج الى سنين طويلة فليس من المعقول ان تطلب من الذي اغتصبت نسائه وارضه ان يتعايش من جديد. وبالتالي فان عودة السكن في مناطق مشتركة بعد داعش عملية صعبة جدا ويترتب عليها مخاطر كبيرة"
ويضيف المحامي هيمن فرج "اثرت و بصورة كبيرة جدا على نفسية الاقليات بحيث اصبح صعب التخالط و التعايش مع من تعاون مع داعش ، كيف لمن اغتصب اخته او بنته او امه ان يعيش مع من تسبب بكل هذه الافعال او تعاون معهم"
عودة الاقليات إلى مناطقها ...بداية لضمان حقوقهم
يؤكد د صلاح العريبي بان"أولا لابد من إعادة بناء مناطقهم وتعويضهم بشكل منصفهم ، وثانيا ضمان حمايتهم بشكل ممتاز ، ثالثا اتخاذ الإجراءات بحق من ظلمهم ، رابعا : اطلاق جملة من المشاريع وتوفير فرص عمل للعاطلين منهم ، خامسا : اشراكهم في صناعة القرار في مناطقه"
ويرى نصر حاج خدر "الحماية الدولية في حال عدم قدرة العراق على حمايتهم. والإسراع في اعمار مناطقهم وتعويضهم التعويض العادل عن الاضرار التيلحقت بهم. وتوفير الخدمات والمشاريع الاساسية لعودة الحياة ثانية لتلك المناطق"
ويؤكدالاب البير "الاقليات تطلب توفير الأمان أولاً، لكي تستطيع أن تعود لتعمر بيوتها وبيوت العبادة".
ويدعو ادي نعوم إلى "اعادة الحقوق المسلوبة من الاقليات اولا ، وثانيا اعادة انتمائهم وشعورهم انهم هم جزء من هذا البلد ولديه كافة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الاخر وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية . وهذا يأتي عبر دعم فكرة ( او ثقافة ) التعايش السلمي والاخوي وتقبل الاخر لجميع اطياف المجتمع وبمختلف طبقاته وأعماره ابتداء من مرحلة الطفولة والدراسة وانتهاء بالمراحل المتقدمة من المجتمع".
ويطالب هيمن فرج لضمان عودة الاقليات تحقيق: 1- توفير الامن 2- تشكيل قوات من اخالي المنطقة لحماية مناطقهم و ضمن الجيش و الشرطة 3- اعادة اعمار المنازل المهدمة و البنة التحتية لمراكز الحيوية للمناطق 4- محاسبة و طرد كل من تعاون مع داعشً و ذويهم ايضا لانه من المستحيل التعايش معهم"
مخاوف كبيرة تشكل هاجس لدى الاقليات
يرى ادي نعوم "الخوف من مابعد داعش ، ان تترسخ هذه القيم التي جائت بها داعش في عقول وضمائر الجيل الذي عاين وشاهد واستمع وعاش في ظل افكار داعش والاصرار على اتخاذ هذا النهج مصدرا للعيش والعبث بحياة الاخرين ؟ وبالمقابل لايرى المعني اي توجه حقيقي من قبل الحكومة او اصحاب القرار او الاخرين على اعادة ضبط الامور وارجاع كل ذي حق حقه ، فكيف له ان يعيش في مثل هذا الظرف .
اذكر لك مثالا بسيطا : شخص رجع بعد ايام الى مسكنه او ارضه بعد داعش ( بعد عمليات التحرير وبعد مرور اكثر من سنتين ) ماذا يرى ...منزل مهدم او منزل محروق ....او منزل مسروق ....مدينة بلا خدمات ( كهرباء ،ماء ،مدرسة ، صحة ...الخ )....مدينة مليئة بالمفخخات ...وهذا الشخص عانى ماعانه منذ التهجير والى تاريخ العودة ولايملك في جيبه مايسد رمقه ورمق عائلته هذا اذا افترضنا ان جميع افراد الاسرة قد رجعت سالمه الى منزلها ، كيف سيبداء حياته من جديد وهو يرى سنوات عمره من الكد والعمل قد ضاعت خلال ايام ، اليس هذا هو الهاجس الذي يشغل بال الكثيرين ؟ . ايهما اقرب اليه البقاء ام الهجرة .....؟
ويضيف د صلاح العريبي "نعم هناك أمور نحتاج بها الى تشريعات خاصة تضمن حقوقهم المدنية والدينية وتضمن حقهم في وجودهم في مفاصل الدولة وصنع القرار على الأقل في أماكن تواجدهم فضلا عن ذلك نحن بحاجة الى تشريعات تضمن حمايتهم وانخراطهم في هذه العملية ، وتشريعات تكفل تعويضهم بما يتناسب وحجم خساراتهم"
ويرى الاب البير "هاجس أن يأتي ما هو أسوأ من داعش، هاجس أن يُهجروا مرة أخرى، لا بل هاجس ألاّ يستطيعوا أن يعودوا إلى قراهم ومدنهم بسبب عدم توفر الأمان الكافي بعد مرحلة خروج داعش منها".
وتقول رحمة الشكاكي "إن من ابرز التهديدات التي تنتظر الاقليات في مرحلة مابعد داعش هي الامحاء (امحاء وجودهم ورجوعهم الى مناطقهم في سهل نينوى) او عند الرجوع الى سهل نينوى اعادة الماضي وقتل الاقليات داخل الموصل من طلبة جامعات اوغيرهم اي يحرم على كل من الاقليات ان يدس مركز المدينة".
نصر حاد خدر تهديدات عديدة تقف في طريق الأقليات منها الهجرة والتغيير الديموغرافي وكذلك مسألة توفير الحماية كي لا تتكرر الماساة ثانية.
أهمية مرحلة مابعد داعش
يرى ادي نعوم "اعادة الحقوق المسلوبة من الاقليات اولا ، وثانيا اعادة انتمائهم وشعورهم انهم هم جزء من هذا البلد ولديه كافة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الاخر وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية . وهذا يأتي عبر دعم فكرة ( او ثقافة ) التعايش السلمي والاخوي وتقبل الاخر لجميع اطياف المجتمع وبمختلف طبقاته وأعماره ابتداء من مرحلة الطفولة والدراسة وانتهاء بالمراحل المتقدمة من المجتمع".
صلاح العريبي ان اهم البرامج التي هم بحاجة اليها برامج تتعلق بالدعم النفسي ، ومن ثم برامج تهدف الى إعادة الثقة تتمثل بحملات يقوم بها المسلمون بالدرجة الأساس الغرض منها المشاركة في إعادة بناء دور العبادة الخاصة بالاقليات ولاسيما من قبل الوقف السني والشيعي والعتبات المقدسة ، ولابد ان تكون هناك حملة مكن قبل رجال الدين المسلمين ينكرون فيها اعمال داعش ويؤكدون لابناء الأقليات ان هولاء ليس لهم بالإسلام شي
الاب البير أعتقد أنهم بحاجة إلى برامج متعددة الجوانب: نفسي، اجتماعي، روحي... فما تعرضت له الأقليات يحتاج إلى ضمّ كل الجهود في سبيل إعادة ثقتهم بهذا المجتمع وتفعيل دورهم فيها من جديد وإلاّ تعرضت إلى الزوال التام بسبب الهجرة.
نصر حاج خدر الحماية الدولية في حال عدم قدرة العراق على حمايتهم. والإسراع في اعمار مناطقهم وتعويضهم التعويض العادل عن الاضرار التيلحقت بهم. وتوفير الخدمات والمشاريع الاساسية لعودة الحياة ثانية لتلك المناطق
رؤية لمستقبل الاقليات في العراق
نصر حاد خدر اذ اراد العراق المحافظة علىاقلياته عليه بتعديل الدستور وسن القوانين والتشريعات التي تضمن حقوقهم وإعطائهم الفيدرالية في مناطق سكناهم التاريخية.
الاب البير إذا كانت التشريعات قابلة للتطبيق بصورة صحيحة، فنعم نحن بحاجة إليها. فمستقبل الاقليات في العراق مهدد بالخطر وهذا ما تشير إليه الاحصائيات لاعداد أعضاء الاقليات في العراق. وهذا ما يؤدي بنا إلى القلق الشديد.
ادي نعوم نحن في المرحلة الحالية بحاجة الى قبول ثقافة التعايش السلمي والاخوي بين الاطياف لا فائدة من الانجرار وراء الاجندات السياسية والتناطحات التي تدعوا الى غلبة الغالب على المغلوب غير قادر على مجارة الاخر في حمل السلاح والاتجار بها ، ثم ماذا تفيد التشريعات ان لم تجد التنفيذ والحزم في اتخاذ القرار الذي ينصر الضعيف ، بعدها دور المجتمع المؤمن في دحر الافكار الطائفية والتوحد من اجل السلام .
صلاح نعم هناك أمور نحتاج بها الى تشريعات خاصة تضمن حقوقهم المدنية والدينية وتضمن حقهم في وجودهم في مفاصل الدولة وصنع القرار على الأقل في أماكن تواجدهم فضلا عن ذلك نحن بحاجة الى تشريعات تضمن حمايتهم وانخراطهم في هذه العملية ، وتشريعات تكفل تعويضهم بما يتناسب وحجم خساراتهم
ماذا يقع على عاتق المجتمع المدني
نصر حاج خدر مما يؤسف له ان المجتمع المدني المحلي خامل وليس له اي دور او فكرة للعمل على الأقليات فقط يكتفون بسرقة المشاريع الدولية وتقاسمها دون الاهتمام بمخرجات تلك المشاريع على الأرض
الاب البير عليهم الدور الاساسي في هذه العملية، أن لا يقعوا في خطط واجندات سياسية بل يعملوا فقط لخير الانسان في هذا المجتمع. وهذا الدور يستطيع ويجب أن تقوم به النخب وأعضاء المجتمع المدني.
صلاح عريبي من الضروري ان تأخذ المؤسسات الاكاديمية ومراكز البحوث البحوث في العراق مهمة التثقيف والحد من الهجرة من خلال إقامة المؤتمرات والدورات والدراسات وغيرها وكذلك على النخب المختلفة والمتمثلة بالاتحادات والنقابات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية ان تعمل بجد من اجل التوعية بمخاطر الهجرة واهمية البقاءوعدم الاستسلام لان هذا مايريده أعداء العراق ولابد ان يكون للمؤسسات الدينية وقفة جادة وان تكون هناك خطب ومحاضرات دينية تشجع الناس على البقاء وتدعهم الى نبذة فكره الهجرة
يطالب المرصد العراقي لحقوق الانسان بضرورة الاستماع إلى كل الأطراف المعنية بقضية الانتهاكات المرتكبة ضد الأقليات وأبناء المناطق التي سقطت بيد عناصر تنظيم داعش، ومحاسبة المتورطين وتخصيص برامج طويلة الأمد لإعادة تأهيل الضحايا ودمجهم في المجتمع، كما ويدعو المرصد أبناء الأقليات والمناطق المحررة والذين يشعرون بالغبض والتهميش بعدم السكوت واللجوء إلى كل الأطراف والعمل على إيصال أصواتهم لممارسة دورهم في ضمان امن وسلامة أبنائهم والعودة إلى مناطقهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي، كما ويدعو المرصد الحكومة العراقية إلى إعادة اعمار المناطق المحررة كجزء من تعويض المتضررين والضحايأ.
تحذيرات من اختفاء التنوع العرقي والتعددية الدينية في العراق بسبب هجرة الأقليات.