المرصد العراقي لحقوق الإنسان
14-03-2025, 15:18




 

يأسف المرصد العراقي لحقوق الإنسان للحادثة الأليمة التي أودت بحياة الصحافي الشاب ليث محمد رضا في (12 آذار 2025) إثر شجار تطور إلى استخدام السلاح، وهو أمر يعكس التهديد المتزايد الذي يشكله الانتشار غير المنضبط للأسلحة في المجتمع العراقي.


على الرغم من أن مقتله لم يكن مرتبطًا بعمله الصحافي، إلا أن هذه الحادثة تمثل ناقوس خطر حقيقيا لما يمكن أن يحدث لأي مواطن عادي في ظل تفشي السلاح، حيث بات استخدام القوة المميتة أداة لحسم النزاعات اليومية، مما يقوض الحق في الحياة، ويهدم أسس الأمن المجتمعي.


قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن هذه الجريمة، كسابقاتها، تعكس أزمة بنيوية في سيادة القانون وغياب الضوابط الصارمة على امتلاك وحمل الأسلحة، سواء كانت بيد الجماعات المسلحة أو الأفراد المدنيين.


إن توافر الأسلحة في أيدي المواطنين، حتى لو كان تحت غطاء الترخيص، يشكل خطرا مباشرا على السلامة العامة، ويؤدي إلى تفاقم العنف المجتمعي، في حين أن وجود السلاح بيد الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة يقوض سلطة المؤسسات الرسمية، ويخلق حالة من الترهيب واللادولة.


إن كلا النموذجين يشكلان خطرا جوهريا على حق الإنسان في العيش في بيئة آمنة خالية من العنف المسلح.


لقد شهد العراق خلال السنوات الماضية مئات من جرائم القتل المرتبطة بحيازة السلاح واستخدامه في غير موضعه، إلا أن هذه الحوادث غالبا ما تمر دون أن تثير ضجة أو اهتماما إعلاميا، خصوصا عندما يكون الضحايا من المواطنين العاديين الذين لا تحظى قضاياهم بتغطية كافية.


لكن حادثة مقتل الصحافي ليث محمد رضا جاءت بمثابة تنبيه قاسٍ لحجم الكارثة، فقط لأن الضحية كان إعلاميا معروفا، ما سلط الضوء على ما يجري يوميا في مختلف المحافظات من جرائم قتل بسبب السلاح المنفلت. إن هذه الحادثة يجب ألا تُعامل كحدث استثنائي، بل كدليل إضافي على خطر انتشار الأسلحة، وتأثير ذلك على حماية الحق في الحياة، وفرض سيادة القانون على الجميع دون تمييز.


إن العنف المسلح في العراق لم يعد محصورًا بالنزاعات ذات الطابع السياسي أو الطائفي، بل أصبح ظاهرة متفشية تمتد إلى الخلافات الشخصية والمشاجرات اليومية، وحتى النزاعات العشائرية التي تتحول إلى مواجهات مميتة بسبب سهولة الحصول على السلاح.


إن هذا الواقع خلق بيئة يسودها الخوف، وفرض منطق القوة على الحياة العامة، حيث بات المواطن العراقي مهددا في كل مكان، سواء في الشارع أو داخل منزله، بسبب انتشار السلاح وعدم وجود رادع قانوني حقيقي ضد استخدامه العشوائي.


إن المرصد العراقي لحقوق الإنسان يؤكد أن الحق في الحياة مكفول بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأن استمرار وجود السلاح يشكل انتهاكا مباشرا لهذا الحق الأساسي، كما أنه يقوض الجهود الرامية إلى بناء دولة تحكمها سيادة القانون.


إن السماح بحمل الأسلحة حتى تحت مظلة الترخيص لا يقل خطورة عن انتشار الأسلحة غير القانونية، خاصة في ظل غياب رقابة صارمة على استخدامها. إن الواقع الأمني الراهن يؤكد أن حمل السلاح لم يعد يقتصر على حالات الدفاع عن النفس، بل أصبح أداة رئيسية في النزاعات المجتمعية والعائلية والشخصية، ما أدى إلى تزايد معدلات العنف والقتل خارج نطاق القانون.


يطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان حكومة محمد شياع السوداني باتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لإنهاء هذه الفوضى، من خلال تشديد الضوابط على منح تراخيص الأسلحة، وإلغاء التراخيص التي لا تستوفي معايير صارمة، وإطلاق حملة وطنية لنزع السلاح من الأفراد والجماعات غير النظامية، وضمان حصره بيد المؤسسات الرسمية فقط.


كما يدعو إلى تفعيل الإجراءات القضائية لتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة، بدلا من اللجوء إلى الأعراف العشائرية التي تساهم في ترسيخ الإفلات من العقاب وتكريس منطق القوة فوق القانون.


إن ترك هذا الملف مفتوحا دون حلول جذرية يعني استمرار القتل اليومي الذي لا يُسلط عليه الضوء إلا إذا كان الضحية شخصية معروفة. لكن حقوق الإنسان لا تتجزأ، وحماية الحق في الحياة لا يجب أن تكون انتقائية.