الصحافي حسن نبيل
أمس, 14:26




قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن الصحفي حسن نبيل أبلغه بتعرّضه لمحاولة قتل وخطف وتعذيب داخل مصرف خاص في العاصمة بغداد، أثناء تأديته لواجبه الصحفي في تغطية تداعيات العقوبات الأميركية على مصارف عراقية، في واحدة من أخطر الانتهاكات التي تطال الصحفيين في العراق في السنوات الأخيرة.


وفي ظل بيئة إعلامية محفوفة بالمخاطر، ووسط تصاعد مقلق في وتيرة العنف ضد الصحفيين، يجد الصحفيون المستقلون أنفسهم مكشوفين أمام سطوة السلاح والنفوذ والمال. ما جرى مع حسن نبيل في 20 تموز/يوليو 2023، ليس مجرد حادث عرضي، بل واقعة مدروسة تنطوي على نية مبيتة لإسكات صوت صحفي أراد أن يؤدي دوره المهني بتوثيق ملف حساس يخص مصرف الطيف الإسلامي.


كان حسن نبيل، برفقة زميله المصوّر وشقيقه، يصور تقريرا ميدانيا عن العقوبات الأميركية المفروضة على عدد من المصارف العراقية، حين فوجئ بوابل من الرصاص يُطلق باتجاهه. أُصيب شقيقه برصاصة في الكتف، فيما جرى اختطاف حسن وزميله بالقوة واحتجازهما داخل مبنى المصرف.


نُقلا بداية إلى غرفة حديدية في الطابق الأرضي، حيث تعرّضا للتعذيب والضرب، ثم نُقلا إلى الطابق الثالث، حيث تم التحقيق معهما تحت تهديد السلاح، وصودرت معداتهما، وتعرضا للإهانة من قبل مدير أمن المصرف المدعو حيدر عبدالغفار التميمي، وشخص آخر يُدعى فادي شحادة أردني الجنسية.


وبعد ساعة ونصف، جاءت دوريات من الشرطة إثر بلاغ تقدم به شقيق الصحفي المصاب، وتم تحريرهما. لكن الصدمة الأكبر كانت في ما اكتشفوه لاحقًا: الشركة الأمنية المسؤولة عن حماية المصرف، المعروفة باسم شركة السهم الأزرق، غير مكتملة التسجيل القانوني لدى وزارة الداخلية، ما يثير تساؤلات خطيرة حول الجهات التي سمحت لها بحمل السلاح والتصرف كسلطة فوق القانون.


رغم بشاعة ما جرى، ورغم مرور أكثر من عام ونصف على الحادثة، لم تُحسم القضية في المحاكم العراقية. إذ لا تزال مجريات التحقيق تتعثر بين نكران المتهمين وتجاهل الأدلة، ومحاولة تحوير القضية من "شروع بالقتل والخطف والتعذيب" إلى "مشاجرة اعتيادية". وهذا ما يثير قلق المرصد العراقي لحقوق الإنسان، الذي يرى أن ما يتعرض له الصحفيون في العراق بات يتجاوز حدود الانتهاك الفردي، إلى تهديد ممنهج لحرية الصحافة.


لقد وثّق المرصد عشرات القضايا التي تعرض فيها الصحفيون للقتل والاعتقال والتهديد، دون أن تفضي التحقيقات إلى عدالة واضحة.


إن المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وهو يتابع عن كثب قضايا الصحفيين المعرضين للخطر، يؤكد أن ما حدث مع حسن نبيل هو اعتداء على حرية الصحافة، وتهديد صريح لحياة كل صحفي يقرر أن يعمل خارج عباءة السلطة أو المصالح.


يطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان القضاء العراقي بإعادة فتح ملف القضية بجدية، وأن يستند إلى الأدلة المتوفرة، لا إلى روايات مختلقة تهدف إلى تمييع العدالة. كما أن على وزارة الداخلية أن تحقق بشكل عاجل في ملف شركة السهم الأزرق، حيث يقول الصحافي حسن نبيل بأنها تعمل دون تصريح عمل قانوني.


ويؤكد المرصد أن حماية الصحفيين ليست خيارا، بل ضرورة وطنية وأخلاقية يجب أن تلتزم بها الدولة. فحرية التعبير لا يمكن أن تُحمى ما لم يشعر الصحفي بالأمان، وما لم يعلم أن هناك مؤسسات قضائية وأمنية تلاحق المعتدين عليه وتضعهم أمام العدالة.


كما يُحمّل المرصد نقابة الصحفيين العراقيين مسؤولية الصمت المتكرر في مثل هذه القضايا، ويطالبها بموقف حازم وواضح من خلال دعم قانوني ومهني للصحفيين الذين يتعرضون للتهديد.


إن الوقوف إلى جانب حسن نبيل ليس موقفا تضامنيا فرديا، بل دفاع عن الصحافة المستقلة وحق الناس في الوصول إلى الحقيقة. فالسكوت في مثل هذه القضايا خيانة للحق، وتواطؤ مع الجريمة، وإشعار للمعتدين بأنهم فوق المحاسبة.