الحقوقية همسة جاسم
7-10-2025, 10:09



7 تشرين الأول 2025



يدعو المرصد العراقي لحقوق الإنسان (IOHR) السلطات العراقية إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف ومستقل في حادثة اغتيال الحقوقية همسة جاسم، التي قُتلت مساء أمس في مدينة الكوت برصاص مسلحين مجهولين.

 

بحسب المعلومات التي حصل عليها المرصد من شهود عيان ومصادر محلية، فقد أطلق مسلحون مجهولون النار على الحقوقية في منطقة العامري وسط مدينة الكوت، ما أدى إلى مقتلها على الفور قبل أن يلوذوا بالفرار إلى جهة غير معلومة. وأكد الشهود أن عملية الاغتيال تمت بدقة وسرعة لافتتين.

 

حتى ساعة إعداد هذا البيان، لم تصدر السلطات الأمنية أي توضيحات رسمية بشأن الحادثة، وهو ما يثير قلق المرصد العراقي لحقوق الإنسان من تكرار النمط ذاته الذي ساد في حوادث اغتيال سابقة، حيث يُترك الجناة طلقاء، وتُسجل القضايا ضد مجهول.

 

يؤكد المرصد أن هذه الجريمة ليست حادثة فردية، بل تأتي في سياقٍ متصل من الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والمهنيين، والتي تصاعدت منذ احتجاجات تشرين 2019 وما تلاها من حراك مدني واسع. فقد وثّق المرصد خلال الأعوام الأخيرة حوادث اغتيال وتهديدات متكررة ضد ناشطين في أغلب المحافظات.


ويرى المرصد أن استمرار استهداف النساء العاملات في المجال الحقوقي يمثل تطورا مقلقا، لما يعكسه من رغبة في إسكات الأصوات المستقلة التي تعمل على كشف الانتهاكات والدفاع عن الضحايا، وهو ما يشكل انتهاكا صارخا لالتزامات العراق الدولية، خصوصا الإعلان الأممي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان (1998)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه العراق عام 1971.

 

كما يحذر المرصد من أن هذا الحادث يترك أثرا مباشرا على أجواء الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ يخلق حالة من الخوف والترهيب لدى الناخبين والمرشحين والفاعلين في المجال العام. فالانتخابات لا يمكن أن تُجرى في بيئة آمنة إذا كانت أصوات المطالبين بالإصلاح والعدالة تُقابل بالرصاص، وإذا كان المدافعون عن الحقوق يدفعون حياتهم ثمناً لعملهم.

ويدعو المرصد العراقي لحقوق الإنسان الحكومة العراقية والسلطات القضائية إلى:

 

  1. تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بإشراف قضائي مباشر لكشف ملابسات الجريمة ومحاسبة الجناة خلال مدة زمنية محددة.

  2. ضمان مشاركة المفوضية العليا لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في مراقبة سير التحقيقات لتعزيز الشفافية.

  3. توفير حماية خاصة للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الحقوقيين والصحافيين، خصوصاً في المحافظات التي تشهد توتراً أمنياً متكرراً.

  4. نشر نتائج التحقيق للرأي العام ومحاسبة كل من يتقاعس أو يتورط في التستر على الجريمة.

كما يدعو المرصد نقابة المحامين العراقية ومنظمات المجتمع المدني إلى التحرك العاجل لتبني القضية، وممارسة الضغط القانوني والإعلامي لمتابعتها.

إن العدالة للحقوقية همسة جاسم ولكل ضحايا الاغتيالات ليست مطلبا إنسانيا فحسب، بل ضرورة وطنية لضمان عدم تكرار هذه الجرائم، وحماية المسار الديمقراطي من الانهيار، وضمان أن تكون الانتخابات المقبلة مناسبة لإرادة حرة، لا مشهداً للخوف والعنف والإفلات من العقاب.