الصحافي علي عبد الكريم - المرصد العراقي لحقوق الإنسان
25-02-2023, 10:28


 

 

قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان (٢٥ شباط ٢٠٢٣) إن صحافياً عراقياً قد يُحكم عليه بالسجن بعد أن أعد تقريراً تلفزيونياً عن الأخطاء الطبية في العراق وتسببها بوفاة مواطنين.

 

علي عبد الكريم، وهو صحافي يعمل لصالح قناة الفلوجة الفضائية، أعد في (٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٢) تقريراً تلفزيونياً بعنوان (بأخطاء طبية ..طبيب يقتل مراجعيه بعمليات قص المعدة). ونقل عبد الكريم في التقرير شهادتين، لوالدة المتوفي وشقيقه، ولم يذكر اسم أي طبيب أو عيادة أو مشفى.

 

لكن عبد الكريم واجه دعوى قضائية من طبيب يجري عمليات قص معدة في العاصمة بغداد، ويرفض ذكر اسمه لأسباب تتعلق بالدعوى القضائية المرفوعة ضده. هذا الطبيب وفقاً لعبد الكريم، اتهمه بالتشهير به وتسقيطه في تقريره التلفزيوني، رغم أن تقرير قناة الفلوجة لم يذكر اسم أي شخص أو عيادة أو مشفى.

 

قال عبد الكريم خلال شهادته للمرصد العراقي لحقوق الإنسان: "في (١٩ شباط ٢٠٢٣) ذهبت إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق بسبب دعوى قضائية رفعت ضدي وضد القناة بسبب التقرير التلفزيوني الذي عملت عليه قبل عام من الآن، وتضمن التقرير مناشدة عائلة توفي ابنها نتيجة خطئاً طبياً عندما كان يجري عملية تكميم المعدة (قص معدة)".

 

وأضاف: "في التاسعة صباحاً من يوم (١٩ شباط ٢٠٢٣) ذهبت إلى مركز شرطة (بختياري) في محافظة أربيل بعد اطلاعهم على الشكوى المرفوعة ضدي وأخذ إفادتي ثم حولوني إلى المحكمة ومع تكبيل يدي بالأصفاد واصطحبني ثلاثة رجال أمن قبل أن أدخل إلى القاضي الذي سألني عن الدعوى وما هو جوابي فقلت له بأنني لم أستهدف الطبيب ولم أذكر اسمه ولا اسم المكان الذي يعمل فيه".

 

وتابع عبد الكريم: "عندما خرجت من المحكمة، كنت مكبلاً أيضاً بالأصفاد، والناس ينظرون إلي وكأنني ارتكبت جرماً، وأعادوني إلى المركز وأدخلوني الزنزانة مثل أي مجرم بانتظار قرار القاضي الذي جاء بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة وأخرجني بكفالة مع إكمال متطلبات الدعوى وأخذوا بصمات يدي في دائرة الأدلة الجنائية بانتظار موعد المحاكمة النهائي".

 

لم يذكر الصحافي علي عبد الكريم اسم الطبيب الذي رفع الدعوى القضائية ضده، لكن محامي الطبيب اعتمد على تعليقات المواطنين ومشاركاتهم للتقرير التلفزيوني، وبالتالي لا يتحمل الصحافي أي تبعات قانونية على ما كتبه الناس في صفحة عامة متاح للجميع التعليق عليها.

 

قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن "القانون العراقي لا يُعاقب شخصاً على ما كتبه أو فعله غيره، لذا فإن الدعوى المرفوعة ضد الصحافي علي عبد الكريم، فيها تجنٍ ومحاولة ترهيب للصحافيين لعدم نقل معاناة المواطنين، خاصة تلك التي تتعلق بالأخطاء الطبية والاستغلال الطبي".

 

وأضاف أن "الدستور العراقي يكفل في المادة (٣٨) ثانياً، حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، ولا يمكن أن تُقيد حرية الصحافة بدعاوى قضائية تخلو من المخالفات القانونية".


وتواصل المرصد العراقي لحقوق الإنسان مع محامية عبد الكريم، التي قالت إن "القضية التي رفعت ضده وفق المادة التاسعة من قانون قانون رقم ( 35) لسنة 2007 قانون العمل الصحفي في كوردستان العراق".


وتعاقب المادة كل من "زرع الأحقاد والكراهية، وأهان المعتقدات الدينية و الرموز والمقدسات الدينية، وما كل ما يتصل بأسرار الحياة الخاصة للأفراد، أو السب والقذف". ولم يرتكب الصحافي علي عبد الكريم أي من هذه المخالفات القانونية، بل نشر تقريراً صحافياً لم يسء فيه لأحد.

 

قال مسؤول قسم الحريات الصحافية في المرصد العراقي لحقوق الإنسان وسام الملا، إن "ما تعرض له الزميل علي عبد الكريم مراسل قناة الفلوجة كان خطيراً جداً، خاصة بعد تقييد يديه واقتياده إلى السجن وتوقيفه بدون وجود إدانة واضحة، وهذا يعني بالنسبة لنا محاولة لتكميم أفواه الصحافيين وتقييد عملهم".

 

وأضاف أن "التقرير الذي أعده عبد الكريم لم يتضمن اتهاماً للطبيب، ولم يذكره ولم يذكر اسم أي مؤسسة، وهو تقرير تناول موضوعاً خطيراً يتعلق بأرواح المواطنين".

 

وأشار مسؤول قسم الحريات الصحافية في المرصد العراقي لحقوق الإنسان إلى أن "الخطورة تكمن في عدم التزام محاكم أربيل بما وجه به رئيس مجلس القضاء الأعلى بعدم توقيف أي صحفي واتباع الآليات القانونية في استقدامه. نأمل من مجلس القضاء الأعلى الوقوف إلى جانب الصحافيين في حقهم بالحصول على المعلومة ومساندتهم في كشف ملفات الفساد أمام الرأي العام".

 

وفي (١١ آب ٢٠٢٠) وجه رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان، بضرورة التعامل بدقة مع الشكاوى التي تقدم بحق الصحافيين وذكر في كتاب رسمي وجه إلى المحاكم العراقية أن "طرق الإجبار على الحضور بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (۲۳) لسنة ۱۹۷۱ تبدأ أولاً بالمادة (۸۷) والمواد التي تليها بإصدار ورقة تكليف بالحضور للمشكو منه".

 

وأضاف رئيس مجلس القضاء الأعلى بحسب الوثيقة الصادرة عن مكتبه: "في حال امتنع عن الحضور بدون سبب مشروع للمحكمة في حينه إصدار مذكرة القبض، لذا يجب ملاحظة عدم الاستعجال في إصدار مذكرات القبض بمجرد تقديم الشكوى وانما يفترض اتباع التسلسل القانوني المنصوص عليه في القانون".


ويطالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان، القضاء في محافظة أربيل بإنصاف الصحافي علي عبد الكريم، وألا يُحمل مسؤولية ما كتبه غيره، فلا قانون في العراق يُعاقب الأشخاص على أفعال غيرهم، هذا إن كانت تعليقات ومشاركات المواطنين "غير قانونية".